عاذر لي وإن تارك، على معنى: إن كان لي في الناس عاذر أو تارك، ومعنى تارك: غير عاذر جاز.
(قال النابغة:
حدبت عليّ بطون ضنّة كلّها
… إن ظالما فيهم وإن مظلوما) (1)
فلا يكون هذا إلّا نصبا، لأنه أراد إن كنت فيهم ظالما وإن كنت مظلوما.
قال سيبويه: (ومن ذلك مررت برجل صالح وإن لا صالحا فطالح).
فهذا يشبه إن خيرا فخير على الوجه المختار.
ومن العرب من يقول: إن لا صالحا فطالحا بإضمار فعلين على من قال: إن خيرا فخيرا، كأنه يقول: إن لا يكن صالحا فقد لقيته طالحا.
وزعم يونس أنّ من العرب من يقول: إن لا صالح فطالح، كأنه قال: إن لا أكن مررت بصالح فبطالح.
قال سيبويه: (وهذا ضعيف قبيح لأنك تضمر بعد " إن لا " فعلا آخر غير الذي يضمر بعد " إن لا " في قولك إن لا يكن صالحا فطالح ولا يجوز أن يضمر الجارّ).
فقبّح سيبويه قول يونس من جهتين:
إحداهما: أنك تحتاج إلى إضمار أشياء، وحكم الإضمار أن يكون شيئا واحدا وذلك أنك إذا قلت: مررت برجل إن لا صالح فطالح تقديره: إن لا أكن مررت بصالح، فتضمر " أكن " ومررت والباء، ولا يشبه هذا إن لا صالحا لأنك إذا قلت إن لا صالحا تقديره: إن لا يكن صالحا فتضمر شيئا واحدا.
والجهة الأخرى: أنّ حرف الجر يقبح إضماره إلّا في مواضع قد جعل منه عوض كقولهم:
وبلد عامية أعماؤه
… كأنّ لون أرضه سماؤه (2)