الرواعد في الصيف وأمّا في الخريف فلن يعدم السّقي- أيضا- أي: هو يسقى من الصيف ومن الخريف، والبيت الأول قد دلّ دلالة واضحة على أن معنى " إن " معنى " أمّا " وأنه لا يجوز أن تكون معنى التي للجزاء، ومع ذلك فلا تحذف " ما " من إمّا إلّا في الشعر.
قال سيبويه: (ومما ينتصب على إضمار الفعل المستعمل إظهاره قولك: هلّا خيرا من ذلك، وإلّا خيرا من ذلك، أو
غير ذلك، كأنك قلت: " ألّا تفعل خيرا من ذلك "، أو " ألّا تفعل غير ذلك " و " هلّا تأتي خيرا من ذلك ").
قال: (وربما عرضت هذا على نفسك وكنت فيه كالمخاطب).
قال أبو سعيد اعلم أنّ هلّا، وألّا، ولولا، ولو ما، يجرين مجرى واحدا، ويقعن على الفعل الماضي والمستقبل، فإذا وقعن للماضي فهو لتنديم المخاطب على ما فاته، أو لومه على ما فرّط فيه.
وإن كان للمستقبل فهو للحضّ على إتيانه.
وأهل البصرة يسمونها حروف التحضيض، ومن الناس من يقول إنها استفهام فإذا قلت هلّا فعلت كذا وكذا فكأنك قلت: لم لم تفعل؟ وإذا قلت: هلّا تفعل كذا فمعناه:
لم لا تفعل كذا، وهذا الذي ذكروا غير خارج عمّا ذكرنا، لأنّا متى جعلنا هذه الحروف استفهاما على ما ذكره هذا القائل فإن جعلناها بمعنى لم فهي خارجة عن معنى الاستفهام، وذلك أنّ " لم " وقعت هنا لمّا كان معناها الاستفهام على الحقيقة؛ ولأن القائل لم يرد أن يستفهم، إنما استبطأ المخاطب الفاعل على فعل فرّط فيه فحثه عليه في المستقبل، أو فعل كان ينبغي أن يفعله فقصر فيه حتى فاته.
فإن قال قائل: قد نرى " هل " دخلت على " لا " وهي من حروف الاستفهام فصار قولك هلّا بمنزلة قولك لم لا.
قيل له: هذا الذي ذكرته لا يدلّ على ما أردته؛ وذلك أن الحروف قد تركّب فيزول معناها الأول، نحو قولنا: لو جئتني أكرمتك، ومعناه: أنّ الإكرام لم يقع لعدم المجيء، فإذا قلت: لولا عبد الله لأكرمتك لزال ذلك المعنى بضمّ " لا " إلى " لو "، وكذلك يزول معنى هل لضمّ لا إليها.
ومن الدليل على ما قلناه أن " لوما " و " لولا " و " إلّا " ليست من حروف الاستفهام،