قال سيبويه: (ومما ينتصب في غير الأمر والنهي على الفعل المتروك إظهاره، قولك: يا عبد الله، والنداء كله.
فأمّا: يا زيد، فله علّة ستراها في باب النداء إن شاء الله تعالى).
قال أبو سعيد رحمه الله: المنصوب من المنادى، يقدّر نصبه بفعل ينوب عنه حرف النداء، وهو: يا، كأنه قال: أدعو عبد الله، وأنادي عبد الله، وأريد عبد الله، والمفرد هو المضموم مبني لعلة قد ذكرت، تعاد في باب النداء إن شاء الله تعالى.
واستدلّ سيبويه على أنّ النداء على الفعل قولهم: يا إيّاك، إنما قلت: يا إياك، أعني.
وهذا الذي ذكره سيبويه يقوّي ما ذكرناه؛ أنّ " إياك " مضاف لأنّا رأينا العرب إذا كنّوا عن المنادي قالوا:
يا أنت، ويا إياك، فأنت: مفرد لم ينصب كما لم ينصب: يا زيد، وإيّاك: مضاف نصب كما نصب: يا عبد الله، أنشد أبو زيد:
يا مرّ يا ابن واقع يا أنتا
… أنت الذي طلّقت عام جعتا
حتّى إذا اصطبحت واغتبقتا
… أقبلت معتادا لما تركتا
قد أحسن الله وقد أسأتا (1)
قال سيبويه: (ومن ذلك قول العرب: من أنت زيدا، وزعم يونس أنه على قوله:
من أنت تذكر زيدا، ولكنّه كثر في كلامهم واستغنوا عن إظهاره بأنه قد علم أنّ زيدا ليس خبرا ولا مبنيا على مبتدإ، ولا بدّ من أن يكون على الفعل كأنه قال: من أنت معرّفا ذا الاسم، ولم يحمل زيدا على من ولا أنت، ولا يكون من أنت زيدا إلّا جوابا، كأنه قال: أنا زيد، قال: فمن أنت ذاكرا زيدا، وبعضهم يرفع، وذلك قليل، كأنه قال:
من أنت كلامك أو ذكرك زيد. وإنّما قلّ لأنّ إعمالهم الفعل أحسن من أن يكون خبرا لمصدر ليس به، ولكنّه يجوز على سعة الكلام وصار كالمثل الجاري حتى إنهم يسألون الرجل عن غيره فيقول القائل منهم: من أنت زيدا، كأنه يكلم الذي يقول: أنا زيد،