والاستفهام كلّها بمعنى السؤال والاستدعاء، وكذلك " أن " لأنه في صلة الطلب بقولك:
نشدتك الله أن تقوم، وكذلك نشدتك الله لا تقم، قال الشاعر في الأمر:
عمرك الله ساعة حدّثينا
… ودعينا من ذكر ما يؤذينا (1)
وقال الآخر في الاستفهام:
عمرك الله أما تعرفني
… أنا حرّاث المنايا في الفزع (2)
لأنّه في معنى الطلب والمسألة، وعمّرتك الله إلّا فعلت كذا وكذا، كما تقول: بالله إلّا فعلت كذا وكذا.
ومثل ما ينصب ذلك قولك للرجل: سلاما أي: سلاما منك.
وعلى هذا قوله عزّ وجلّ: وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً (3). معناه:
براءة منكم، لأنّ هذه الآية في سورة الفرقان، وهي مكية، والسّلام في سورة النّساء وهي مدنيّة ولم يؤمر المسلمون بمكّة أن يسلموا على المشركين، وإنما هذا على معنى: براءة منكم وتسلّما، لا خير بيننا وبينكم ولا شرّ، ومنه قول أمّية:
سلامك ربّنا في كلّ فجر
… بريئا ما تغنّثك الذّموم (4)
أي: تنزيها من السّوء، ومعنى ما تغنّثك أي: تلزّق بك صفة الذم.
وكان أبو ربيعة يقول: إذا لقيت فلانا فقل سلاما، ومعناه: براءة منك.
قال: (فكل هذا ينتصب انتصاب حمدا وشكرا، إلا أن هذا يتصرّف وذاك لا يتصرّف).
قال: (ونظير سبحان الله من المصادر في البناء والمجرى لا في المعنى " غفران " لأن بعض العرب يقول: غفرانك لا كفرانك، يريد: استغفارا لا كفرا).
وجعل فيما لا يتمكن لأنه لا يستعمل على هذا إلّا منصوبا مضافا، وكذلك قوله تعالى: وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً (5).
أي: حرما محرّما، ومعناه: وتقول الملائكة: