حِساباً (1) أي كافيا، فمعنى حسبك أي كافيك في أصل موضوعه من جهة اللغة لما بيناه من تصرفه، فلعلة لم يبن فاعرفه إن شاء الله تعالى.
وأما إذ فإنها مبنية على السكون، والذي أوجب بناءها على ذلك أنها تقع على الأزمنة الماضية كلها وهي محتاجة إلى إيضاح كقولك: " جئتك إذ زيد قائم " " وإذ قام زيد ". فلما كانت محتاجة إلى إيضاح وإيضاحها يصحح معناها ويفهم موضوعها صارت بمنزلة الذي، والأسماء الناقصة المحتاجة إلى الصلات لأن الأسماء في أصل موضوعها للدلالة على المسميات والتمييز بين بعضها وبعض، فإذا صار بعض الأسماء إلى حد لا يدل بنفسه على معناه واحتاج ما يوضحه ويكشف فحواه، حل بما بعده من تمامه محل الاسم الواحد، وصار هو بنفسه كبعضه وبعض الاسم يبنى.
وإذ توضح بالابتداء والخبر، والفعل والفاعل، فأما الابتداء والخبر فقولك " جئتك إذ زيد قائم " وأما الفعل والفاعل فقولك " جئتك إذ قام زيد ". " وإذ يقوم زيد ". فإذا كان الفعل مستقبلا حسن تقديمه وتأخيره فتقول: " جئتك إذ يقوم زيد " و " إذ زيد يقوم " وإذا كان ماضيا قبح التأخير لا يقولون " جئتك إذ زيد قام " إلا مستكرها من قبل أن إذ للماضي فإذا كان في الكلام فعل ماض اختاروا إيلاءه إياها، لمطابقتها ومشاكلة معناهما.
وإذ عند أصحابنا اسم مضاف إلى موضع الجملة التي بعدها كما تضاف أسماء الزمان إلى الجمل التي هي الابتداء والخبر والفعل والفاعل كقولك " جئتك زمن زيد أمير " و " زمن يقوم زيد " و " زمن قام زيد " ويكون موضع الجملة خفضا بالإضافة.
واعلم أن إذ لا يجازي بها لأنها مقصورة على وقت بعينه ماض، فإذا دخل عليها ما وركبت معها صارت مبهمة وجاز المجازاة بها وحلت محل متى فيجازي بها مع ما، فهي إذا جوزي بها حرف وليست باسم، وسنبين ذلك في باب المجازاة إن شاء الله تعالى. قال الشاعر:
إذ ما تريني اليوم مزجى مطّيتي
… أصعد سيرا في البلاد وأفرع
فإني من قوم سواكم وإنما
… رجالي فهم بالحجاز وأشجع (2)