العامل في قائما أيقوم، وفي قاعدا أيقعد أن يكون قائما في معنى قياما، وقاعدا في معنى قعودا.
والقول عندي ما قاله سيبويه؛ لأنّه قد تكون الحال توكيدا كما يكون المصدر توكيدا، وإن كان الفعل قد دلّ عليه قول الله عزّ وجلّ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا (1).
ولا يجوز إضمار الفعل الدالّ على الحال إلّا أن تكون الحال المشاهدة تدل عليه، ولا يجوز أن يقول إنسان- مبتدئا من غير حال تدل-: " قائما يا زيد " كما تقول: يجوز " قياما يا زيد " لأنّ المصدر مأخوذ من لفظ الفعل فهو دال على فعل معيّن دون غيره.
وإذا قال قائما يا زيد، لم يدلّ على فعل محصور لأنّه يجوز أن يقول: اثبت قائما، وتكلم قائما، واضحك قائما، وما أشبه ذلك مما لا يحصر، وإنّما جاز أن يقول: أقائما وقد قعد النّاس، لما شوهد منه من القيام والتعمّل له.
قال سيبويه: " (ومثل ذلك قوله: عائذا بالله من شرّها؛ كأنه رأى شيئا يتّقى فصار عند نفسه في حال استعاذة حتّى صار بمنزلة الذي رآه في حال قيام وقعود
....فقال: عائذا بالله؛ كأنه قال: أعوذ بالله عائذا).
وإذا ذكرت شيئا من هذا الباب فالفعل متّصل في حال ذكرك إيّاه وأنت تعمل في تثبيته كما كان ذلك في الباب الذي قبله.
(وقال الشاعر، وهو عبد الله بن الحارث السهمي، من الصحابة:
ألحق عذابك بالقوم الذين طغوا
… وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني (2)
كما قال في المصدر عياذا بك، ومثله:
أراك جمعت مسألة وحرصا
… وعند الحقّ زحّارا أنانا) (3)
قال أبو سعيد: زحّارا فعّال من زحر يزحر زحرا، وأنان في معنى: أنين، كما يقال:
نهيق ونهاق في باب الأصوات، لأن الزحير صوت.