بنصب عصبة، وزعم أنّ عصبة تنتصب كما تقول العرب: إنّما العامريّ عمته؛ فجعل عصبة بمنزلة المصدر.
ورددت أنا ذلك فقلت: إنما يجوز هذا في المصادر دون الأسماء لأنك تقول: أنت سيرا، ولا تقول: أنت سائرا، ولا
خلاف في ذلك، وعصبة هي اسم لا مصدر، والتأوّل على الرواية غير صحيح؛ لأنّ الذي في أصل النسخة، ونحن عصبة، ولم يقل نصب أيش، وقد تكلمت على هذا في غير هذا الموضع.
قال سيبويه: " (ولو قال: هو أعور وذو ناب لرفع
...).
وكذلك إذا قلت: أنت تميميّ مرّة وقيسيّ أخرى، وإني عائذ بالله، ليس في ذلك غير الرّفع؛ لأنه قدّم الاسم، وجاء بعده بخبر هو هو، فلم يجز غير الابتداء والخبر، وإنما يجوز النصب إذا قال: أتميميّا بغير أنت، وقال عائذا بغير إني، أو قال: أعور وذا ناب بغير هو فتفهّم ذلك إن شاء الله، وكذلك لو أضمرت أنت والاسم الذي يكون المذكور هو هو لرفع وكان بمنزلة المظهر.
هذا باب ما يجري من المصادر مثّنى منتصبا على إضمار الفعل المتروك إظهاره(وذلك قولك: حنانيك؛ كأنه قال: تحنّنا بعد تحنّن، ولكنّهم حذفوا الفعل؛ لأنه صار بدلا منه. ولا يكون هذا مثنّى إلا في حال إضافة، كما لم يكن سبحان الله، ومعاذ الله إلا مضافا؛ فحنانيك لا يتصرّف كما لم يتصرف سبحان وما أشبهه، قال الشاعر، وهو طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
… حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض (1)
وزعم الخليل أنّ معنى التثنية أنّه أراد تحنّنا بعد تحنّن؛ كأنّه قال: كلما كنت في رحمة وخير منك فلا ينقطعنّ ذلك وليكن موصولا بآخر من رحمتك.
ومثل ذلك: قولك: لبيك وسعديك، وسمعنا من العرب من يقول:
سبحان الله وحنانيه، كأنّه قال: سبحان الله واسترحاما كما قال: سبحان الله