الباب، وأنا أفسر جملة هذا الباب مع ذكر قول يونس.
قال سيبويه: (ومثل " خمستهم " في الكلام قول الشاعر، وهو الشّمّاخ:
أتتني سليم قضّها بقضيضها
… تمسّح حولي بالبقيع سبالها) (1)
قال أبو سعيد: هذا البيت في النّسخ منسوب إلى الشماخ، وهو لأخيه مزرّد والنحويّون يروونه في الاستشهاد منصوب اللام من سبالها، وهي مرفوعة أولها في شعره:
أتتني خفاف قضّها بقضيضها
… تمسّح حولي بالبقيع سبالها
يقولون لي احلف قلت لست بحالف
… أخادعهم عنها لعلّي أنالها
ففرّجت غمّ الموت عني بحلفة
… كظهر الجواد يردّ عنها جلالها (2)
وقد استعمل " قضّها بقضيضها " على وجهين:
منهم من ينصبه على كلّ حال؛ فيكون بمنزلة المصدر المضاف المجعول في موضع الحال كقولك: مررت به وحده وفعلته جهدك وطاقتك.
ومنهم من يجعله تابعا لما قبله في الإعراب فيجريه مجرى كلّهم، فيقول: أتتني سليم قضّها بقضيضها، ورأيت سليما قضّها بقضيضها، ومعناها: أجمعين، أو كلهم، وهو مأخوذ من القضّ وهو الكسر، وقد يستعمل الكسر في معنى الوقوع على الشيء بسرعة، كما يقال: عقاب كاسر، وكأن معنى قضّهم: انقضّ بعضهم على بعض وتجمعوا.
هذا باب ما يجعل من الأسماء مصدرا كالمصدر الذي فيه الألف واللام نحو: العراك(وهو قولك: مررت بهم الجمّاء الغفير، والناس فيها الجمّاء الغفير، فهذا ينتصب كانتصاب العراك.