وَعْدَهُ (1)؛ لأن ما قبله وعد من الله.
(وقال تعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (2)، لأن أحسن كلّ شيء في معنى:
خلقه حسنا، فأكّد بخلقه، وقوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ (3) وقوله كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ؛ بمنزلة فرض الله عليكم، وتحريم الله عليكم؛ لأن الابتداء تحريم المذكورات من النساء في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ (4) إلى قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ بينها وبين زوجها، فهذه شريعة شرعها الله تعالى لهم، وكتاب كتبه عليهم، على معنى: فرض ألزمهم إيّاه.
وقال الكسائي: " كتاب الله " منصوب بعليكم، كأنه قال: " عليكم كتاب الله، وأكثر النحويين يدفعون هذا، لأن الإغراء بهذه الحروف ليس لها قوّة الفعل، ولا يحسن أن تقول:
زيدا دونك، وزيدا عليك، كما تقول: زيدا خذ، وإنما تعلّق في جواز هذا بقول الشاعر:
يا أيّها المائح دلوي دونكا
… إنّي رأيت النّاس يحمدونكا (5)
وليس في هذا حجّة، لأنه يجوز أن يكون دلوي في موضع رفع كأنه قال: دلوي عندك، كما تقول: دلو زيد بقربك استدعاء لملئها، وإن لم يكن ذلك في لفظ الفعل، وهو حمله على أنه في موضع نصب، وأن العامل فيها دونكا، وقد يجوز عند بعض النحويين أن يكون العامل فيها مضمرا كأنه قال: املأ دلوي، والدليل على أن هذا يجوز أنه لو قال: يا أيها المائح دلوي، ولم يزد على ذلك لجاز؛ لأنّ الحال التي هم فيها تدل عليه.
ومن ذلك قولهم: الله أكبر دعوة الحقّ؛ لأن قولك: الله أكبر، إنما هو دعاء إلى الحقّ وإلى أن يكون السامع ينثني إلى جملة القائلين بالتوحيد، وإلى القوم الذين شعارهم " الله أكبر " فيكون هذا دعوة الحقّ يتداعون بها، كأنه قال: دعوا دعاء الحق، وادعوا دعاء الحقّ، وقال رؤبة: