تقدّم ما بعد الفاء على الفاء إلى جانب " أمّا " إلا ما يجوز تقديمه حتى تلي الفاء.
ومن أجاز تقديم بعضه من أجل ما قد منعوا بعضا فأجاز الكسائي والفراء: أما زيدا فإنّي ضارب، وزيد منصوب بضارب، ولم يجيزوا: أما القميص فأن تلبس خير لك، والقميص منصوب بليس؛ لأنّ ما بعد أن لا يعمل فيما قبلها.
ولم يجز المبرّد: أمّا درهما فعندى عشرون؛ لأن درهما منصوب بعشرين، ولا يعمل عشرون فيما قبلها، وإذا لم يكن حضور " أمّا " يجوز تقديم ما لا يجوز تقديمه من هذه الأشياء التي يجيزونها وجب أن يمنعوا: أمّا زيدا فإنّي ضارب، على أن تنصب زيدا بضارب؛ لأنّه لا يجوز: زيدا إنّي ضارب، فينبغي أن لا يجوّز " أمّا " فإن جاز من أجل " أمّا " وجب جواز الباقي لحضورها، ويجوز عندي: أمّا اليوم فإنّي قائم، وأمّا خلفك فإني جالس، تنصب اليوم وخلفك بمعنى: " أمّا "؛ لأنّ معناهما: مهما يكن من شيء.
والظروف تعمل المعاني فيها. ألا ترى أنك تقول: زيد غلامك اليوم، وزيد أخو عمرو في السفر، بمعنى: زيد يملكه اليوم، ويؤاخيه في السفر، وتقديمه أيضا جائز على هذا المعنى، تقول: زيد اليوم غلامك، وزيد في السفر أخو عمرو، ولو قلت زيد أخ عمرا تريد: يؤاخي عمرا لم يجز؛ لأنّ عمرا ونحوه لا يعمل فيه إلا الفعل، أو ما جرى مجراه من الأسماء.
هذا باب ما يختار فيه الرفع ويكون فيه الوجه في جميع اللّغات(وزعم يونس أنه قول أبي عمرو، وذلك قولك: أمّا العبيد فذو عبيد، وأمّا العبد فذو عبد وأما عبدان فذو عبدين، وإنما اختير فيه الرفع لأن ما ذكرت في هذا الباب أسماء، والأسماء لا تجري جري المصادر، ألا ترى أنك تقول: هو الرّجل علما وعقلا، أي: يعلم ويعقل، ولا تقول: هو الرجل خيلا وإبلا).
قال أبو سعيد: قوله: أمّا العبيد فذو عبيد؛ فرفع العبيد هو الوجه، لأن العبد ليس بمصدر فيقدّر له فعل من لفظه ينصبه على ما تقدّم في المصادر فوجب رفعه بالابتداء، وما بعده يكون خبرا له، والعائد إليه محذوف تقديره: أمّا العبيد فأنت منهم، أو فيهم، أو نحو هذا ذو عبيد.
وذكر سيبويه في الباب عن بعض العرب: (أنهم ينصبون هذا فيقولون: أمّا العبيد