بذلك إذ وإذا اللذين يتضمنان ما مضى وما يستقبل من الزمان إذ كان التفضيل الواقع في ذلك يكون للماضي والمستقبل، ووصلا بكان لأنها موضوعة للعبارة عن الزمان والذي بعده من الحال منصوب بكان والذي عمل فيه أطيب هو الظرفان " إذ "، و " إذا " على ما ذكرنا من عمل ما يعمل من غير المتمكن في الظرف المتقدم وكان بمعنى وقع.
قال سيبويه: (وتقول: عبد الله أخطب ما يكون يوم الجمعة والبداوة أطيب ما يكون شهري ربيع). وذكر الباب.
قال أبو سعيد: نصب يوم الجمعة وشهري ربيع على الظرف ومن رفع يوم الجمعة وشهري ربيع، فلأن أخطب ما يكون بمنزلة المصدر، وقد يخبر عن المصادر بالظرف من الزمان، ثم يجوز في ظروف الزمان إذا كان معرفة أو ما جرى مجراه نصب الظروف ورفعه، فمن نصب قال: القتال يوم الجمعة، كما تقول: زيد خلفك، والناصب تقديره:
القتال كائن يوم الجمعة، ومن رفع فالتقدير: وقت القتال يوم الجمعة، وذلك مطرد.
وأما إذا كان ظرف الزمان نكرة مؤقتا، فإن أكثر كلام العرب الرفع كقولك: سيرنا يومان، ومقامنا شهران، قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ (1)، وقال عز وجل:
غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها (2) فهذا أكثر كلام العرب، وجاز: أخطب أيامه يوم الجمعة، على سعة الكلام، وكأنه قال: أطيب الأزمنة البداوة شهرا ربيع وأخطب الأيام التي يكون عبد الله فيها خطيبا يوم الجمعة، ومثله في السعة قول الله تعالى: بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ (3) وهما لا يمكران وإنما يمكر فيهما، وقوله تعالى: وَالنَّهارَ مُبْصِراً * (4)، والنهار لا يبصر وإنما يبصر فيه.
وقوله: آتيك يوم الجمعة أبطؤه فترفع أبطؤه على معنى: ذلك أبطؤه، وتضمر الخبر أي: ذلك أبطؤه، على ذلك التفسير، ويوم السبت أبطؤه، فتجعل أبطؤه خبر يوم السبت، وأعطيته درهما أو درهمين أكثر ما أعطيته وأكثر، فإنه يريد أنك إذا نصبت أكثر، فإن شئت جعلته مفعولا به بدلا من الدرهمين، وإن شئت نصبته على الحال، كأنه قال: أو