قال سيبويه: (ومن النعت: مررت برجل لا قائم ولا قاعد).
قال أبو سعيد: أصل هذا: مررت برجل قائم أو قاعد، فإذا أردت نفي الصفة، قلت: مررت برجل لا قائم ولا قاعد، فلم
تخل بين الصفة والموصوف، ووقع الجحة بها، وعطفت الثانية على الأول بالواو، وكان الأصل: مررت برجل غير قائم، وغير قاعد.
وأعربت غير إعراب رجل لأنها نعت، وغير اسم معرب، وجعل مكانها لا، وهي حرف لا يعرب، فجعل إعراب غير فيما بعد لا.
قال سيبويه: (ومنه مررت برجل راكع لا ساجد، لإخراج الشك، أو أراد أن يؤكد العلم فيهما).
قال أبو سعيد: لا ها هنا للعطف، كقولك:
قام زيد لا عمرو، وهو لإخراج الثاني مما دخل الأول فيه، ومعنى قوله: (لإخراج الشك)، يعني:
الشك في أنه ساجد أو تأكيد العلم بركوعه وعدم سجوده، ثم قال سيبويه: (ومنه:
مررت برجل رجل صدق). وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: أمّا قوله: (وكذلك السوء ليس بمعنى سؤته).
فأراد أن يعلمك أنه ليس بفعل فعله الرجل، فيكون نعتا له، والسوء هاهنا بمعنى الفساد والرداءة، وليس من ساءني يسؤني، والصدق بمعنى الجودة والصلاح، فإذا قال:
مررت بحمار سوء، فقد قال: بحمار ذي رداءة، وإذا قال: بحمار صدق، فقد قال:
بحمار ذي جودة، ثم قال سيبويه: (ومنه مررت برجلين مسلم وكافر). وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: اعلم أنك إذا ذكرت اسمين مثنيين، أو أسماء مجموعة منصوبة أو مخفوضة، ثم جئت بعدها بنعتها معرفا، فإنه على وجهين، أحدهما:
أن يكون عدة النعت المفرق، كعدة المنعوت.
والضرب الآخر: أن تكون عدة النعت المفرق أقل من عدة المنعوت، فإذا كانت العدة في المنعوت والنعت المفرق واحدة، وهو ما ذكره سيبويه في هذا الموضع فإن لك أن تجري النعت على لفظ المنعوت من وجهين، ولك أن ترفع النعت، وذكر في رفعه وجها، وذلك قولهم: مررت برجلين مسلم وكافر، بخفض مسلم وكافر من وجهين، أحدهما: