لاختلاف الأول والثاني، لأن الأول مقصود إليه، والثاني غير مقصود إليه.
قال: (وزعم الخليل أنه إنما جر على نية الألف واللام)، يعني: مثلك، وخير منك، (ولكنه موضع لا تدخله الألف واللام، كما أن (الجماء الغفير) منصوب على نية إلغاء الألف واللام نحو طرا وقاطبة).
فإن نية إلغاء الألف واللام في (الجماء الغفير) أنها في موضع الحال والاسم الذي هي في موضعه لا ألف ولا لام فيه كنحو: طرا وقاطبة.
ومن النحويين من قال: إن الألف واللام فيها وفي (الأوبر) في قول الشاعر:
... … ولقد نهيتك عن بنات الأوبر (1)
زائدة، وهذا غلط لأنهما لو كانتا لا تأثير لدخولهما وكانتا في نية الطرح لكان الاسم الذي يدخلان عليه باقيا على لفظه من التنوين ومع الصرف.
فيقال: القوم فيهما الجماء الغفير، كما تنون لو لم يكن فيه ألف ولام، ولجاز أن تقول: ولقد نهيتك عن بنات الأوبر، لأن (أوبر) بغير ألف ولام لا ينصرف، وإنما دخول الألف واللام على أوبر وسائر المعارف التي ليس فيها ألف ولام عند الضرورة، لأنها تنكّر ثم تعرّف بالألف واللام، وقد مضى الكلام في مثل هذا، وقد تقدم شرح ما بقي من الباب وفيه قوله:
(ولم يرد في قوله: ما يحسن بالرجل خير منك أن يثبت له شيئا بعينه ثم يعرفه به إذا خاف التباسا).
وقوله: يثبت له يعني المخاطب.
وقوله: تعرّفه الهاء للشيء.
وقوله: به الهاء لخير منك.