أعاد سيبويه ما يؤكد به الفصل بينهما، وقد شرحناه. قيل: قال سيبويه: (وأما قوله:
مررت برجل سواء والعدم) فلا بد من أن تجعل سواء نعتا لرجل لأنه ليس مع سواء اسم، فيكون معه مبتدأ وخبرا،
فصار بمنزلة قولك: مررت بقوم سواء، وإذا أجريت سواء على الرجل ففيه ضمير لأنه في معنى مستو، فإذا عطفت على ذلك الضمير أكدت، كما يجب في ضمير المرفوع إذا عطفت عليه، والضمير الذي في سواء مثل الضمير الذي في: عرب أجمعون، لأن عربا محمول على متعربين، كما أن سواء في معنى مستو، وأجمعون توكيد للضمير في عرب.
فأما قول سيبويه: (وهي معطوفة) فإنه يعني: أجمعين، ويعني بالعطف: عطف البيان.
وقوله: (على المضمر). يعني: المضمر في عرب كما تقدم، وقوله: (وليست كأبي عشرة)، يعني: وليست أجمعون في ارتفاعه بمنزلة ارتفاع أبي عشرة أبوه.
وقوله: (فإن تكلمت به على قبحه رفعت)، يعني: إن قلت: سواء والعدم من غير توكيد رفعت سواء، يعني: إن جئت ب (هو) في: سواء هو والعدم، ولم يجعل هو توكيدا للمضمر وجعلته مبتدأ وعطفت عليه العدم رفعت، سواء خبر المبتدأ كأنك قلت: مررت برجل هو والعدم سواء، فيصير كقولك: مررت برجل سواء درهمه.
قال سيبويه: (وتقول: ما رأيت رجلا أبغض إليه الشر منه إليه). وذكر الفصل.
قال أبو سعيد: إذا قلت: ما رأيت رجلا أبغض إليه الشر منه إليه، فأبغض نعت لرجل وإليه: في صلته، والهاء في إليه: ضمير لرجل. كأنه قال: منه إلى زيد، وكذلك وأحسن في عينيه الكحل منه أحسن نعت رجلا والهاء في عينيه تعود إلى الكحل، وفي عينه الآخر العود إلى شيء قد ذكر كأنه قال: في عين زيد، فإن قيل: فقد مرّ من احتجاج سيبويه في (مررت برجل خير منه أبوه) ما يوجب أن يكون هذا مثله لأنه احتج في رفعه بأنك لا تستطيع أن تفرد شيئا من هذه الأشياء لو قلت: هذا رجل خير، وهذا رجل أفضل. لم يستقم وكذلك لا تفرد أبغض وأحسن في قولك: ما رأيت رجلا أبغض وأحسن في قولك: ما رأيت رجلا أبغض أو أحسن، وذكر أيضا أن الذي يجرى على الأول اسم الفاعل والصفة المشبهة، وقوله: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل ليس باسم فاعل ولا صفة مشبهة، وقد اجتمعا في علة منع الإجراء على الأول فلم أجريت