الجمع، وكذلك الزيدون قائمون، وأخوتك خارجون، دخلت الواو على لفظ قائم وخارج، وقد تحمل على اسم الفاعل ما لا يجمع جمع السلامة، وما ليس بجار على الفعل على ما ستقف عليه مما يذكر في هذا الباب لموافقة بينهما تجيز حمله عليه.
وعلى هذه الجملة التي قدمتها أو بعضها مبني على كلام سيبويه في هذا الباب، والله يحسن توفيقنا وإرشادنا بمنّه.
قال: (فإن بدأت بالاسم قبل الصفة قلت: قومك منطلقون، وقومك حسنون)، جمعت منطلقون لوقوعه موقع فعل يتصل به ضمير مجموع، (وأذاهبة جاريتان؟ وأكريمة نساؤك؟). وحدت اسم الفاعل لوقوعه موقع الفعل الموحد لتقدمه، وإنما وحدت كريمة، وجمعت نساؤكم لأن كريمة تجري على الفعل فتوحد في التقدم، وتجمع في التأخير، إذا قلت: نساؤكم كريمات، والألف والنون للاثنين، والواو والنون لجمع مذكر ما يعقل، والألف والتاء لجمع المؤنث وجمع ما لا يعقل، وقال: (أقرشيّ قومك)، فأجراه مجرى اسم الفاعل، وإن لم يكن اسم فاعل كأنه قال: أمتقرّش قومك، في معنى: أيتقرّش قومك، كما قالت العرب: تنزر الرجل، وتقيّس، وتمضّر، في معنى انتسب إلى نزار، وقيس، ومضر، فلهذا وحد أقرشي وقومك جمع، فاستشهد سيبويه في توحيد الفعل المقدّم بقوله:
(أليس أكرم خلق الله قد علموا
… عند الحفاظ بنو عمرو بن حنجوت) (1)
بنو عمرو، اسم ليس، وأكرم خلق الله: الخبر، ولم يقل: أليسوا. وهذا طريف من الاستشهاد، لأن توحد الفعل المتقدم في عامة كتاب الله تعالى وسائر كلام الناس، أكثر من أن يحتاج إلى شاهد، وبعده من كلام سيبويه ما أتى التفسير عليه إلى أن قال:
(وقال بعض العرب: قال فلانة، وكلما طال الكلام فهو أحسن نحو قولك:
حضر القاضي امرأة، لأنه إذا طال الكلام كان الحذف أجمل، وكأنه شيء يصير بدلا من شيء كالمعاقبة، نحو قولك: زنادقة، فحذف الياء لمكان الهاء، وكما قالوا في مغتلم، مغيلم ومغاليم، لأن الياء صارت بدلا لمّا حذفوا التاء، لأنه صار عندهم إظهار المؤنث يكفيهم عن ذكرهم التاء كما كفاهم الجميع والاثنان حين أظهروهم عن الواو والألف، وحذف التاء في الواحد من الحيوان قليل، وهو في الموات كثير).