قائم، وقال الله تعالى: وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا (1) وقد علم أنه رسول في حال الإرسال.
قال: (فأما القلب فباطل لو كان ذلك لكان الحدّ والوجه في قولهم: مررت بامرأة آخذة عبدها فضاربته، النصب، لأن القلب لا يصلح، ولقلت: مررت برجل عاقلة أمّة لبيبة، لأنه لا يصلح أن تقدم لبيبة فتضمر فيها الأم، ثم تقول: عاقلة أمه، وسمعناهم يقولون: هذه شاة ذات حمل مثقلة به، قال الشاعر وهو حسان بن ثابت:
ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم
… وفينا نبيّ عنده الوحي واضعه (2)
ومما يبطل القلب قولهم: زيد أخو عبد الله مجنون به، إذا جعلت الأخ صفة، والجنون من زيد بأخيه لأنه لا يستقيم: زيد مجنون به أخو عبد الله، وتقول: مررت برجل معه كيس مختوم عليه، الرفع الوجه لأنه صفة الكيس، والنصب جائز على قوله:
فيها رجل قائما، وهذا رجل ذاهبا).
قال أبو سعيد: ألزمهم بقبح القلب نصب خبر المبتدإ في: زيد أخو عبد الله مجنون به، وذلك أن زيدا مبتدأ، وأخو عبد
الله صفته، ومجنون به خبره، والهاء تعود إلى عبد الله، ولو قيل: زيد مجنون به أخو عبد الله، لم يجز.
قال أبو سعيد: قد ذكرنا من الاحتجاج لبطلان اعتبار القلب ما فيه مقنع وكثّر سيبويه المسائل في ذلك تشنيعا على قائله وتقبيحا له، وقد طعن في استشهاده بالبيت، والذي قاله صحيح على ما أذكره.
جعل سيبويه الهاء في واضعه ضمير الوحي، وفي واضعه ضمير فاعل للرسول، وقوله: عنده الوحي صفة لرسول، وواضعه صفة أخرى، ومعناه: مفشيه وذاكره، لأنهم ظنوا أنه يخفي ما دبروه فيبلغوا إرادتهم، فأفشاه الوحي فبطل، ولا يحسن القلب فيه لأن الهاء في واضعه ضمير الوحي، فإن قلب فقيل:
وفينا رسول واضعه عنده الوحي، فقد قدّم ضمير الوحي وهو الهاء في واضعه، ومعنى الوحي في البيت هو ما بيّنه الله بالوحي من صنيع القوم، والذي كشفه النبي صلّى الله عليه وسلّم