قال الخليل: لو جعله شتما فنصبه على الفعل كان جائزا).
قال أبو سعيد: لم يجعل جسم البغال شتما، لأن عظم الأجسام ليس بشتم ولا ذمّ، وإنما ذمهم بأنهم ليس لهم من الأحلام ما يشاكل عظم أجسامهم، وإنما قال الخليل: لو جعله شتما فنصبه جاز، لأن عظم الأجسام مع قلة العقول ذم أبلغ من ذمّ صغر العقل مع صغر الجسم.
(وقد يجوز أن تنصب ما كان صفة على معنى الفعل ولا تريد مدحا ولا ذما ولا شتما مما ذكرت لك.
قال الشاعر:
وما غرّني حوز الرّزاميّ محصنا
… عواشيها بالجو وهو خصيب (1)
ومحصن: اسم الرّزامي محصنا، فنصبه على (أعني)، وهو فعل يظهر لأنه لم يرد أكثر من أن يعرفه بعينه، ولم يرد افتخارا ولا ذما ولا مدحا، وكذلك سمع هذا البيت من أفواه العرب وزعموا أنّ اسمه محصن.
قال: ومن هذا الترحّم، والترحّم أن يكون بالمسكين والبائس ونحوه، ولا يكون بكل صفة، ولا كل اسم، ولكن يترحم بما ترحمت به العرب).
قال أبو سعيد: مذهب الترحم على غيره منهاج التعظيم والشتم، وذلك أن الاسم الذي يعظم به، والاسم الذي يشتم به شيء قد وجب للمعظم والمشتوم، وشهرا وعرفا به قبل التعظيم والشتم، فيذكره المعظم أو الشاتم على جهة الرفع منه والثناء، أو على جهة الوضع منه والذم، والترحم إنما هو رقة وتحنّن يلحق الذاكر على المذكور في حال ذكره إياه، رقة عليه وتحننا.
وإعرابه على ما أسوقه من كلامه.
قال: (وزعم الخليل أنه يقول: مررت به على المسكين، على البدل، وفيه معنى الترحم، وبدله كبدل: مررت به أخيك).
وقال:
(فأصبحت بقرقرى كوانسا
… فلا تلمه أن ينام البائسا (2)