" إيه " بالتنوين.
والنحويون البصريون صوبوا ذا الرمة، وقسموا: " إيه " على ضربين، فقالوا:
" إيه " استزاده، فإذا استزاده منكورا كان منونا، وكان التنوين علامة التنكير، غير أن التنوين ساكن فيكسر له الهاء. وإذا كان استزاده معروفا زال التنوين، فبقي الحرف الأخير ساكنا، فالتقى ساكنان في آخره، فكسر الأخير منهما لالتقاء الساكنين.
وإذا نكّر شيء من الأصوات نوّنت، لعلامة التنكير، ثم كسر آخره؛ لسكونه وسكون التنوين؛ كقولك: " صه " و " مه ". وربما لم يكسروا آخره لعلة عارضة؛ فمن ذلك قولهم: " إيها " في الكف، أدخلوا التنوين للتنكير، ثم فتحوا آخره لالتقاء الساكنين؛ لئلا يلتبس " بإيه " الذي هو استزادة.
غير أن هذه الأصوات منها ما استعمل معرفة ولا ينكر نحو: " عدس " و " تشتو " للحمار، إذا دعوته ليشرب. ومنها ما يستعمل نكرة فقط، كنحو: " إيها " و " ويها ".
ومنها ما يستعمل معرفة ونكرة؛ نحو: " غاق " و " غاق " و " إيه " و " إيه "، وكنحو قولهم: " أفّ وأفّ وأفّ " وهي كلمة للضجر في المعرفة. وفي النكرة: " أفّ وأفّا وأفّ "؛ فمن قال: " أفّ " فضم، أتبع الحركة، كما تقول: " مدّ ". ومن قال: أفّ كسر لالتقاء الساكنين على حسب ما يوجبه التقاء الساكنين. ومن قال: " أفّ " فتح استثقالا للتضعيف وضمة الهمزة، كما تقول: " مدّ يا هذا ". وإذا نكرت أدخلت التنوين على اختلاف هذه الحركات، للعلل التي ذكرناها. وما أتاك من الأصوات فهذا قياسه.
ومن المبنيات قولهم: " أيّان يقوم " في معنى: " متى يقوم "، وهي مبنية على الفتح، وقد كان أصلها أن تكون ساكنة؛ لأنها وقعت موقع حرف الاستفهام، غير أنها التقى في آخرها ساكنان، فآثروا تحريك آخرها بالفتح؛ لأن قبلها ياء وهي مع ذلك مشددة، وبينها وبين الياء الألف وليست حاجزا حصينا، فلم يحفلوا بكونها- أعني كون الألف، ففتحوا النون كأنها وقعت بعد ياء مضاعفة. وعلة أخرى وهي أن الأسماء التي يستفهم بها، كل ما وجب التحريك فيه منها مفتوح، نحو: " أين " و " كيف " فأتبعوها: " أيّان "؛ إذ كانت مستحقة لتحريك الآخر، حتى لا يخرج من جملتها.
ومن المبنيات قول الشاعر:
طلبوا صلحنا ولات أوان
… فأجبنا أن ليس حين بقاء (1)