وقال سفيان بن عيينة: (من أعطي القرآن، فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن:
فقد خالف القرآن، ألم تسمع قوله سبحانه وتعالى وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ* لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ «١».
وقوله تعالى «٢»: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى «٣».
قال: يعني القرآن «٤».
قلت: يريد بقوله: (يعني القرآن) أي ما رزقك الله من القرآن خير وأبقى مما رزقهم من الدنيا.
قال: وقوله تعالى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى «٥».
قال: وقوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «٦»، قال: هو القرآن «٧».
ومن ذلك: قول النبي صلّى الله عليه وسلم «ما أنفق عبد من نفقة أفضل من نفقة في قول» «٨».
(١) الحجر: (٨٧، ٨٨).
(٢) يلاحظ أنه حدث خلط بين آيات سورة الحجر وطه فتصرفت- لتشابه النصين في تنسيقها وفصلها عن بعضها، وكل من آيات سورة الحجر وطه تتحدث عن متاع الحياة الدنيا وزينتها .. الخ. وكذلك وقع الخلط في الآيتين عند أبي عبيد في فضائل القرآن، وقد نقلها السخاوي عنه.
(٣) طه: (١٣١).
(٤) انظر تفسير سفيان بن عيينة- تفسير سورة الحجر ص ٢٨٢، والأثر في فضائل القرآن لأبي عبيد عن ابن عيينة ص ٥٣، وفي تفسير الطبري عن ابن عيينة كذلك ٤/ ٦٠. وعزاه السيوطي إلى ابن المنذر عن سفيان بن عيينة. الدر المنثور ٥/ ٩٧.
(٥) طه: (١٣٢).
(٦) السجدة: (١٦).
(٧) ذكر هذا ابن عيينة في تفسيره بنحوه- تفسير سورة السجدة ص ٣٠٧، ونقله أبو عبيد عنه، انظر فضائل القرآن ص ٥٣.
وعلى هذا يرى السخاوي- تبعا لابن عيينة وأبي عبيد- في أن المقصود من الإنفاق في هذه الآية والأثر هو تعليم القرآن للناس فكلّ ينفق مما أعطاه الله من أشياء مادية أو معنوية، فيكون المراد من القول في الحديث عام يشمل الكلمة الطيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبث العلم بين الناس والجهاد في سبيل الله باللسان وغير ذلك.
(٨) ذكره أبو عبيد ضمن ذكره لكلام سفيان بن عيينة، ثم قال: «يذهب إلى أن القول نفقة» اه باب حامل القرآن وما يجب عليه أن يأخذ به من أدب القرآن ص ٥٣.