معناه: تسلما منكم ومتاركة، لا نجاهلكم، و «١» لا خير بيننا ولا شر.
أي نتسلم منكم تسلما، فأقيم السلام مقام التسليم «٢» اه.
وهذا التأويل يحتاج فيه إلى إثبات أن الجاهلين هم المشركون، وأيضا فإن الله عزّ وجلّ وصف المؤمنين وأثنى عليهم بصفات، منها الحلم عند جهل الجاهل، والمراد بالجاهلين: السفهاء، وهذه صفة محمودة باقية إلى يوم القيامة، وما زال الإغضاء عن السفهاء والترفّع عن مقابلة ما قالوه بمثله من أخلاق الفضلاء، وبذلك يقضي الورع والشرع والأدب والمروءة، ثم (و) «٣» أي حاجة إلى القول بأن ذلك منسوخ؟.
وقال زيد بن أسلم: التمست تفسير هذه الآية فلم أجده عند أحد فأتيت «٤» في النوم فقيل لي: هم الذين لا يريدون فسادا في الأرض «٥».
وقال ابن زيد: هم الذين لا يتكبّرون في الأرض ولا يتجبرون ولا يفسدون، وهو قوله عزّ وجلّ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً «٦» وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ «٧».
وقال الحسن: يمشون حلماء علماء لا يجهلون، وإن جهل عليهم لم يجهلوا وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً، أي إذا خاطبهم الجاهلون بما يكرهون من القول، أجابوهم
بالمعروف والسداد من الخطاب، قالوا: تسلما منكم وبراءة بيننا وبينكم، ذلّت- والله- منهم الأسماع والأبصار والجوارح، حتى يحسبهم الجاهل مرضي، وما بالقوم من مرض، وإنهم لأصحاء القلوب، دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة، فلمّا وصلوا إلى بغيتهم قالوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا
(١) الواو ليست في بقية النسخ.
(٢) انظر الكتاب لسيبويه: ١/ ٣٢٥.
(٣) في بقية النسخ: ثم وأي حاجة ... الخ.
(٤) في د وظ: فأنبيت.
(٥) أخرجه ابن جرير بسنده عن زيد بن أسلم. جامع البيان: ١٩/ ٣٤.
وذكره القرطبي في تفسيره: ١٣/ ٦٨.
(٦) إلى هنا ينتهي نص الآية في بقية النسخ.
(٧) القصص: (٨٣).