فاستبعاده ذلك الحكم من الآية، يدل على أن الآية هي الأصل في ذلك «١» اه.

قلت: لا يليق نسبة مثل هذا إلى الشافعي- رحمه الله- وكيف تكون الآية عنده الأصل في هذه المسائل، وليس في الآية «٢» صورة يمين أيوب- عليه السلام- إنما فيها «٣» صورة خروجه من اليمين، وهذه الأحكام تختلف باختلاف «٤» صورة اليمين ونحن لا ندري هل حلف أيوب- عليه السلام- ليضربن مائة ضربة أو مائة سوط أو مائة عصا أو مائة خشبة؟ ثم إن صورة خروجه من اليمين أيضا غير مذكورة في الآية.

إنما قال عزّ وجلّ: وَ «٥» خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً، والضغث: الحزمة الصغيرة، إما من النبات أو من قضبان الشجر، فأين شرط المماسة أو الانكباس «٦»؟.

وعلى الجملة فليست الآية من هذه المسائل في شيء، ولا يصح أن يقال: إنها منسوخة، وكيف تنسخ وهي خبر عما أمر الله به أيوب- عليه السلام- ورخّص له فيه «٧» رحمة منه بالحالف والمحلوف عليه، وإن كانت منسوخة فأين الناسخ؟.

أيجوز أن يكون الناسخ لها قول إمام من الأئمة بخلافها، مع أنها خبر لا يجوز نسخه؟

وأما شريعتنا فناسخة لجميع الشرائع، ولا يلزمنا العمل بشيء من شرائع من قبلنا ولو قصّ علينا، وإنما عملنا بما فرض الله لنا وأمرنا به.

وقوله تعالى: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... «٨» الآية، لم يلزمنا ما فيها، لأن الله عزّ وجلّ كتبه عليهم في التوراة، وإنما ألزمنا ذلك بما أنزله إلينا، كقوله «٩»

(١) انظر: النص في كتاب الوجيز لأبي حامد الغزالي: ٢/ ٢٣١.
وراجع شرح منح الجليل: ١/ ٦٦٠.
(٢) في د وظ: وليس في هذه الآية.
(٣) كلمة (فيها) ليست في د وظ.
(٤) في د: يختلف اختلاف. وفي ظ. يختلف باختلاف.
(٥) سقطت الواو من بقية النسخ.
(٦) حصل تديم وتأخير في د وظ: فمن قوله: (فأين) إلى قوله (الانكباس) جاءت بعد قوله: (في شيء).
(٧) في بقية النسخ: فيه له.
(٨) المائدة (٤٥)، وتقدمت قريبا.
(٩) في د وظ: لقوله.