قال: وقد أعيد هذا اللفظ الذي ذكر في الخمس في قوله عزّ وجلّ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ... الآية: فدلّ جميع ما ذكرته على أن الآية التي في (الحشر) ليست بمنسوخة بآية الأنفال، لأمرين:
أحدهما: أن آية (الحشر) في خراج القرى، وفيما أفاء الله على المسلمين من غير قتال، وآية (الأنفال) في غنيمة القتال.
وهذا «١» مع أن الأنفال نزلت قبل سورة الحشر، (والناسخ إنما ينزل بعد «٢» المنسوخ لا قبله) «٣».
وإنما غلط قتادة ومن قال بقوله، لأنه رأى غنيمة القتال في بدر قد قسمت على ما في سورة (الحشر) من آية الخراج، فلمّا نزلت وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... ظنّ أنها ناسخة لما في سورة الحشر، والذي في سورة (الحشر) حكمه باق لم ينسخ (والذي) «٤» في سورة (الأنفال) لم تنسخ قرآنا، إنما نسخت ما فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم في غنيمة بدر.
فتأمل هذه النكتة فإنها فائدة جليلة ومعنى دقيق لا تجده في كتاب «٥» (الله) «٦».
وقد قال جماعة من العلماء:- منهم سفيان الثوري- رحمه الله الغنيمة غير الفيء، والغنيمة «٧» ما أخذت عن قتال وغلبة، فيكون خمسه «٨» للأصناف المذكورين في (الأنفال) وأربعة أخماسه لمن قاتل عليه.
(١) يظهر أن هذا هو الأمر الثاني.
(٢) في الأصل: والناسخ إنما ينزل قبل المنسوخ لا بعده. ثم كتب الناسخ فوقها (يقدم).
(٣) ولذلك قال ابن حزم الأنصاري: أن آية الحشر نسخت آية الأنفال الناسخ والمنسوخ (ص ٥٩).
(٤) هكذا في الأصل: والذي. وفي بقية النسخ (والتي) وهي الصواب.
(٥) سبق عند ترجمة القاضي إسماعيل المذكور أن من مصنفاته «الرد على الشافعي في مسألة الخمس» والظاهر- والله أعلم- أن السخاوي اعتمد فيما نقله هنا على ذلك الكتاب، لأن كل الذي نقله متعلق بالخمس وأين وكيف يصرف ... الخ.
(٦) هكذا في الأصل: لا تجده في كتاب الله. وهو خطأ فاحش.
(٧) هكذا في الأصل: والغنيمة. وفي بقية النسخ: فالغنيمة.
(٨) الضمير عائد على (ما) وهو المال المأخوذ غنيمة بعد قتال.