فيه مشقة لا يعرفها إلّا من عايشها، وهذه المشقة قد تختلف من مخطوط إلى آخر، وأيضا فإن هذه المشقة قد لا يجدها من لا يكلف نفسه عناء في خدمة المخطوط، خدمة تليق بالتراث الذي خلفه لنا علماؤنا- رحمة الله عليهم-.
- أما التمهيد فقد تطرقت فيه إلى الحديث عن ثلاث قضايا هي:
أ) تعريف علوم القرآن بمعنييه الخاص والعام، أي باعتباره «علما» وباعتباره مركبا إضافيا.
ب) والقضية الثانية هي ذكر أهم المصنفات في علوم القرآن من بدء التدوين حتى عصر الإمام السخاوي، وذكرت خمسة وعشرين مؤلفا في ذلك، بين مطبوع ومخطوط، ورتبتها حسب وفيات مؤلفيها.
ج) والقضية الثالثة هي أثر كتاب «جمال القراء ... » فيمن جاء بعده من المؤلفين، توصلت من خلال هذه القضية إلى شخصية هذا الإمام ومكانته في المجتمع الذي نشأ فيه وترعرع في أحضانه، وقضى فيه بقية زمانه، حيث كان فريد عصره ووحيد دهره وأوانه. وبناء عليه فقد تأثر به وبكتابه كثير من العلماء منذ عصره إلى وقتنا الحاضر.
فقد اقتبس منه الكثيرون وأفادوا منه فوائد عظيمة ..
أما قسم الدراسة فقد جعلته في بابين:
الباب الأول:
ضمنته الحديث عن النهضة العلمية في عهد السخاوي، وقد تبين لي أن الحركة العلمية في هذه الحقبة الزمنية ازدهرت ازدهارا كبيرا. وقد تمثل ذلك في اعتناء الحكام بالعلم والعلماء، فقد كان معظم حكام ذلك العصر مثقفين، وكانوا يحيطون أنفسهم بالعلماء، ويبالغون في اكرامهم معنويا وماديا ..
- وتمثل أيضا في كثرة المدارس والمساجد والمعاهد العلمية في سورية والقاهرة وبغداد، والتي تولت نشر المذهب السنّي بدلا عن المذهب الشيعي ...
حتى بلغ عدد المدارس في العصر الأيوبي ستا وعشرين مدرسة .. وقد ذكرت أشهر هذه المدارس ...
- وتمثل ازدهار النهضة العلمية كذلك في دور المكتبات في ذلك العصر ونشاط التأليف والترجمة، فكثرت بذلك المكتبات التي تزخر بالكتب الدينية والعلمية والأدبية وغيرها من الكتب التي حمل لواءها أعلام نبغوا في شتى العلوم ..