237 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِيمَا يَزْعُمُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي دُخُولِهِ الْغَارَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسِيرِهِ مَعَهُ حِينَ سَارُوا فِي طَلَبِ سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ إِيَّاهُمْ:
البحر البسيط
قَالَ النَّبِيُّ وَلَمْ أَجْزَعْ يُوَقِّرُنِي
... وَنَحْنُ فِي سُدْنَةٍ فِي ظُلْمَةِ الْغَارِ
لَا تَخْشَ شَيْئًا فَإِنَّ اللَّهَ ثَالِثُنَا
... وَقَدْ تَوَكَّلَ لِي مِنْهُ بِإِظْهَارِ
وَإِنَّمَا كَيْدُ مَنْ تَخْشىَ بَوَادِرَهُ
... كَيْدُ الشَّيَاطِينِ كَادَتْهُ لِكُفَّارِ
وَاللَّهُ مُهْلِكُهُمْ طُرًّا بِمَا كَسَبُوا
... وَجَاعِلُ الْمُنْتَهَى مِنْهُمْ إِلَى النَّارِ
وَأَنْتَ مُرْتَحِلٌ عَنْهُمْ وَتَارِكُهُمْ
... إِمَّا غُدُوًّا وَإِمَّا مُدْلِجٌ سَارِ
ص: 335 وَهَاجِرٌ أَرْضَهُمْ حَتَّى يَكُونَ لَنَا
... قَوْمٌ عَلَيْهِمْ ذَوُو عَزٍّ وَأَنْصَارِ
حَتَّى إِذَا اللَّيْلُ وَارَانَا جَوَانِبُهُ
... وَسُدَّ مِنْ دُونِ مَنْ نَخْشَى بِأَسْتَارِ
سَارَ الْأُرَيْقِطُ يَهْدِينَا وَأَنِيقُهُ
... يَنْعَبْنُ بِالْقَوْمِ نَعْبًا تَحْتَ أَكْوَارِ
يَعْسِفْنَ عَرْضَ الثَّنَايَا بَعْدَ أَطْوَلِهَا
... وَكُلُّ سَهِبٍ دَقِيقُ التُّرْبِ مَوَّارِ
حَتَّى إِذَا قُلْتُ قَدْ أَنْجَدْنَ عَارِضَنَا
... مِنْ مُدْلِجٍ فَارِسٍ فِي مَنْصِبٍ وَارِ
يُرْدَى بِهِ مُشَرَّفُ الْأَقْطَارِ مُعْتَرِمٌ
... كَالسَّيْدِ ذِي اللُّبْدةِ الْمُسْتَأْسِدِ الضَّارِي
فَقَالَ كِرُّوا فَقُلْنَا إِنَّ كَرَّتَنَا
... مِنْ دُونِهَا لَكَ نَصْرُ الْخَالِقِ الْبَارِي
إِنْ تُخْسَفِ الْأَرْضُ بِالْأُخْرَى وَفَارِسِهَا
... فَانْظُرْ إِلَى مِرْبَعٍ فِي الْأَرْضِ خَوَّارِ
فَهِيلَ لَمَّا رَأَى أَرْسَاغَ مَقْرَبِهِ
... قَدْ سُخْنَ فِي الْأَرْضِ لَمْ تُحْفَرْ بِمِحْفَارِ
فَقَالَ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُطْلِقُوا فَرَسِي
... وَتَأْخُذُوا مَوْثِقِي فِي نُصْحِ أَسْرَارِ
وَأَصْرِفُ الْحَيَّ عَنْكُمْ إِنْ لِقِيتُهُمْ
... وَأَنْ أُعَوِّرَ مِنْهُمْ عَيْنَ عُوَّارِ
فَادْعُ الَّذِي هُوَ عَنْكُمْ كَفَّ عَدْوَتَنَا
... يُطْلِقْ جَوَادِي فَأَنْتُمْ خَيْرُ أَبْرَارِ
فَقَالَ قَوْلًا رَسُولُ اللَّهِ مُبْتَهِلًا
... يَا رَبِّ إِنْ كَانَ يَنْوِي غَيْرَ إِخْفَارِ
فَنَجِّهِ سَالِمًا مِنْ شَرِّ دَعْوَتِنَا
... وَمُهْرُهُ مُطْلَقًا مِنْ كُلِّ آثَارِ
ص: 336 فَأَظْهَرَ اللَّهُ إِذْ يَدْعُو حَوَافِرَهُ
... وَفَازَ فَارِسُهُ مِنْ هَوْلِ أَخْطَارِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا:
البحر الطويل
أَلَمْ تَرَنِي صَاحَبْتُ أَيْمَنَ صَاحِبٍ
... عَلَى وَاضِحٍ مِنْ سُنَّةِ الْحَقِّ مَنْهَجِ
فَلَمَّا وَلَجْتُ الْغَارَ قَالَ مُحَمَّدٌ
... أَمِنْتَ فَثِقْ فِي كُلِّ مَمْسً وَمَدْلَجِ
بِرَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُنَا الَّذِي
... نَبُوءُ بِهِ فِي كُلِّ مَثْوًى وَمَخْرَجِ
وَلَا تَحْزَنَنَّ فَالْحُزْنُ وِزْرٌ وَفِتْنَةٌ
... وَإِثْمٌ عَلَى ذِي النُّهْيَةِ الْمُتَحَرِّجِ
فَمَا زَالَ فِيمَا قَالَ مَنْ كُلِّ خُطَّةٍ
... عَلَى الصِّدْقِ يَأْتِينَا بِهِ لَمْ يُلَجْلِجِ
إِذَا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَقَالَةُ بَيَّنَتْ
... رَسَائِلُ صِدْقٍ وَحْيُهَا غَيْرُ مُرْتَجِ
مَلَائِكَةٌ مِنْ عِنْدِ مَنْ جَلَّ ذِكْرُهُ
... مَتَى تَأْتِنَا بِالْوَحْيِ يَا قَوْمُ تَعْرُجِ
فَقَدْ زَادَ نَفْسِي وَاطْمَأَنَّتْ وَآمَنَتْ
... بِهِ الْيَوْمَ مَا لَاقِي جَوَادُ ابْنِ مُدْلِجِ
سُرَاقَةَ إِذْ يَبْغِي عَلَيْنَا وَلِيْدُهُ
... عَلَى أَعْوَجِيٍّ كَالْهِرَاوَةِ مُدْلِجِ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَا رَبِّ أنْجِهِ
... فَمَهْمَا تَشَا مِنْ مَاطِعِ الْأَمْرِ فَرِّجِ
فَسَاخَتْ بِهِنَّ الْأَرْضُ حَتَّى تَغَيَّبَتْ
... حَوَافِرُهُ فِي بَطْنِ وَادٍ مُعَجَّجِ
فَأَغْنَاهُ رَبُّ الْعَرْشِ عَنَّا وَرَدَّهُ
... وَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ لَمْ يَتَفَرَّجِ
وَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فِيمَا يَزْعُمُونَ حِينَ سَمِعَ بِشَأْنِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ وَمَا يَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا رَأَى مِنْ أَمْرِ الْفَرَسِ حِينَ أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ وَتَخَوَّفَ أَبُو جَهْلٍ سُرَاقَةَ أَنْ يُسْلِمَ حِينَ رَأَى مَا رَأَى فَقَالَ:
البحر الطويل
بَنِي مُدْلِجٍ إِنِّي أَخَافُ سَفِيهَكُمْ
... سُرَاقَةَ مُسْتَغْوٍ لِنَصْرِ مُحَمَّدِ
عَلَيْكُمْ بِهِ لَا يَفْرِقَنَّ جُمُوعَكُمْ
... فَتُصْبِحُ شَتى بَعْدَ عِزٍّ وَسُؤدَدِ
ص: 337 يَظُنُّ سَفِيهُ الْحَيِّ إِنْ جَاءَ شُبْهَةً
... عَلَى وَاضِحٍ مِنْ سُنَّةِ الْحقِِّ مُهْتَدِ
فَأَنَّى يَكُونُ الْحَقُّ مَا قَالَ إِذْ غَدَا
... وَلَمْ يَأْتِ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ الْمُسَدَّدِ
وَلَكِنَّهُ وَلَّى غَرِيبًا بِسُخْطِةٍ
... إِلَى يَثْرِبَ مِنَّا فَيَا بُعْدَ مَوْلِدِ
وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ يَثْرِبَ هَارِبًا
... لَأَشْجَاهُ وَقْعُ الْمَشْرَفِيِّ الْمُهَنَّدِ
فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ يُجِيبُ أَبَا جَهْلٍ فِيمَا قَالَ:
البحر الطويل
أَبَا حَكَمٍ وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ شَاهِدًا
... لِأَمْرِ جَوَادِي إِذْ تَسِيخُ قَوَائِمُهْ
عَجِبْتَ وَلَمْ تَشْكُكْ بِأَنَّ مُحَمَّدًا
... نَبِيُّ وَبُرْهَانٌ فَمَنْ ذَا يُكَاتِمُهْ
عَلَيْكَ بِكَفِّ الْقَوْمِ عَنْهُ فَإِنَّنِي
... أَرَى أَنَّ يَوْمًا مَا سَتَبْدُو مَعَالِمُهْ
بِأَمْرٍ تَوَدُّ النَّصْرُ فِيهِ بِالْبَهَا
... لَوْ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ طُرًّا يُسَالِمُهْ