66 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْغِطْرِيفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ قَالَ: ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَفْصٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الذِّمَارِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُعَاذِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثنا الْأَصْمَعِيُّ، قَالَ: ثنا الْوَصَّافِيُّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " كَانَ أَوَّلُ إِسْلَامِي أَنَّ مِرْدَاسًا أَبِي لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ أَوْصَانِي بِصَنَمٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: ضِمَادٌ، فَجَعَلْتُهُ فِي بَيْتٍ، وَجَعَلْتُ آتِيهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً، فَلَمَّا ظَهَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ رَاعَنِي، فَوَثَبْتُ إِلَى ضِمَادٍ مُسْتَغِيثًا، فَإِذَا بِالصَّوْتِ فِي جَوْفِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
البحر الكامل
قُلْ لِلْقَبِيلَةِ مِنْ سُلَيْمٍ كُلِّهَا
... هَلَكَ الْأَنِيسُ وَعَاشَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ
أَوْدَى ضِمَادُ وَكَانَ يُعْبَدُ مُدَّةً
... قَبْلَ الْكِتَابِ إِلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
إِنَّ الَّذِي وَرِثَ النُّبُوَّةَ وَالْهُدَى
... بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُرَيْشٍ مُهْتَدِي
قَالَ: فَكَتَمْتُهُ النَّاسَ فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ مِنَ الْأَحْزَابِ بَيْنَا أَنَا فِي إِبِلِي بِطَرَفِ الْعَقِيقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ رَاقِدٌ سَمِعْتُ صَوْتًا، فَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَى جَنَاحَيْ نَعَامَةٍ، وَهُوَ يَقُولُ: النُّورُ الَّذِي وَقَعَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، وَلَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ مَعَ صَاحِبِ النَّاقَةِ الْعَضْبَاءِ، فِي دِيَارِ إِخْوَانِ بَنِي الْعَنْقَاءِ
ص: 119 ، فَأَجَابَهُ هَاتِفٌ عَنْ شِمَالِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَشِّرِ الْجِنَّ وَأَبْلَاسَهَا، إِنْ وَضَعَتِ الْمَطِيُّ أَحْلَاسَهَا، وَكَلَأَتِ السَّمَاءُ أَحْرَاسَهَا، قَالَ: فَوَثَبْتُ مَذْعُورًا، وَعَلِمْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا مُرْسَلٌ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَأَجْشَمْتُ السَّيْرَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ إِلَى ضِمَادٍ، فَأَحْرَقْتُهُ بِالنَّارِ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْشَدْتُهُ شِعْرًا، أَقُولُ فِيهِ:
البحر الطويل
لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَجْعَلُ جَاهِلًا
... ضِمَادًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ مُشَارِكَا
وَتَرْكِي رَسُولَ اللَّهِ وَالْأَوْسُ حَوْلَهُ
... أُولَئِكَ أَنْصَارٌ لَهُ مَا أُولَئِكَا
كَتَارِكِ سَهْلِ الْأَرْضِ وَالْحَزْنَ يَبْتَغِي
... لِيَسْلُكَ فِي وَعَثِ الْأُمُورِ الْمَسَالِكَا
فَآمَنْتُ بِاللَّهِ الَّذِي أَنَا عَبْدُهُ
... وَخَالَفْتُ مَنْ أَمْسَى يُرِيدُ الْمَهَالِكَا
وَوَجَّهْتُ وَجْهِي نَحْوَ مَكَّةَ قَاصِدًا
... أُبَايِعْ نَبِيَّ الْأَكْرَمِينَ الْمُبَارَكَا
نَبِيٌّ أَتَانَا بَعْدَ عِيسَى بِنَاطِقٍ
... مِنَ الْحَقِّ فِيهِ الْفَصْلُ فِيهِ كَذَلِكَا
أَمِينٌ عَلَى الْفُرْقَانِ أَوَّلُ شَافِعٍ
... وَأَوَّلُ مَبْعُوثٍ يُجِيبُ الْمَلَائِكَا
تَلَاقَى عُرَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ انْتِقَاضِهَا
... فَأَحْكَمَهَا حَتَّى أَقَامَ الْمَنَاسِكَا
عَنَيْتُكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا
... تَوَسَّطْتَ فِي الْفَرْعَيْنِ وَالْمَجْدِ مَالِكَا
وَأَنْتَ الْمُصَفَّى مِنْ قُرَيْشٍ إِذَا سَمَتْ
... عَلَى ضَمْرِهَا تَبْقَى الْقُرُونَ الْمُبَارَكَا
إِذَا انْتَسَبَ الْحَيَّانُ كَعْبٌ وَمَالِكٌ
... وَجَدْنَاكَ مَحْضًا وَالنِّسَاءَ الْعَوَاتِكَا"