غَزْوَة 1 خَيْبَر
وَأقَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد رُجُوعه من الْحُدَيْبِيَة ذَا الْحجَّة وَبَعض الْمحرم وَخرج فِي بَقِيَّة مِنْهُ غازيا إِلَى خَيْبَر، وَلم يبْق من السّنة السَّادِسَة من الْهِجْرَة إِلَّا شهر وَأَيَّام، واستخلف على الْمَدِينَة نميلَة2 بْن عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيّ. وَذكر مُوسَى بْن عقبَة، قَالَ: لما قدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة مُنْصَرفه من الْحُدَيْبِيَة مكث عشْرين يَوْمًا أَو قَرِيبا3 مِنْهَا ثمَّ خرج غازيا إِلَى خَيْبَر، وَكَانَ اللَّه عز وَجل وعده إِيَّاهَا وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية.
قَالَ أَبُو عمر: قَالَ اللَّه عز وَجل فِي أهل الْحُدَيْبِيَة: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا، وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيما} . فَلم يخْتَلف الْعلمَاء فِي أَنَّهَا الْبيعَة بِالْحُدَيْبِية. قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَقَتَادَة وَعِكْرِمَة وَغَيرهم: كَانَت الشَّجَرَة سَمُرَة4 كَانَت الْحُدَيْبِيَة. وَعلم مَا فِي قُلُوبهم من الرِّضَا بِأَمْر الْبيعَة على أَن لَا يَفروا واطمأنت بذلك نُفُوسهم. {وأثابهم فتحا قَرِيبا} : خَيْبَر، وَوَعدهمْ الْمَغَانِم فِيهَا {ومغانم كَثِيرَة يأخذونها} . وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد فِي قَوْله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِم كَثِيرَة} أَنَّهَا الْمَغَانِم الَّتِي تكون إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالُوا فِي قَوْله: 1 انْظُر فِي غَزْوَة خَيْبَر ابْن هِشَام 3/ 342 والواقدي 389 وَابْن سعد ج2 ق1 ص77 وأنساب الْأَشْرَاف 1/ 169 وَالْبُخَارِيّ 5/ 130 وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ 12/ 163 والطبري 3/ 5 وَابْن حزم ص211 وَابْن سيد النَّاس 2/ 130 وَابْن كثير 4/ 181 والنويري 17/ 248.
2 وَفِي رِوَايَة: سِبَاع بن عرفطة.
3 هَكَذَا فِي ر وَفِي الأَصْل: وقريبا.
4 السمرَة: شَجَرَة الطلح.