وَقَالَ عَمِّي:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ
... شَاكِي السِّلاحِ بَطَلٌ مُغَاوِرُ
فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ، وَرَجَعَ سيف عَامر على مَسَافَة فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ، فَكَانَتْ1 فِيهَا نَفْسُهُ، قَالَ سَلَمَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَنِي إِلَى عَليّ بْن أبي طَالب، وَقَالَ: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلا يحب اللَّه وَرَسُوله، وَيُحِبهُ اللَّه وَرَسُولُهُ" قَالَ: فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَخَرَجَ مَرْحَبٌ يَخْطُرُ بِسَيْفِهِ، وَقَالَ:
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ
... شَاكِي السَّلاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
وَقَالَ عَليّ رَضِي اللَّه عَنهُ:
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ
... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ2
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ3
فَفَلَقَ رَأْسَ مَرْحَبٍ بِالسَّيْفِ، وَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ.
قَالَ ابْن إِسْحَاق: وَآخر مَا افْتتح رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ حصونهم الوطيح والسلالم.
وَقَالَ مُوسَى بْن عقبَة: حاصر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصون4 خَيْبَر بضع عشرَة لَيْلَة، وَكَانَ بَعْضهَا صلحا وأكثرها عنْوَة، ذكر ذَلِك عَن ابْن شهَاب. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: قسم رَسُول اللَّه أَرض خَيْبَر كلهَا لِأَنَّهُ غلب على جَمِيعهَا عنْوَة. وحاصر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل خَيْبَر فِي حصنهمْ الوطيح حَتَّى إِذا أيقنوا بالهلكة سَأَلُوهُ أَن يسيرهم وَأَن يحقن لَهُم دِمَاءَهُمْ، فَفعل.