وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا» .
فَإِنْ قِيلَ فَلَوْلَا عَادَتُهُ مِنَ اسْتِغْرَاقِ النَّوْمِ لَمَا قَالَ لِبِلَالٍ «اكْلَأْ «1» لَنَا الصُّبْحَ» .
فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ: «إِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّغْلِيسُ «2» بِالصُّبْحِ.
وَمُرَاعَاةُ أَوَّلِ الْفَجْرِ لَا تَصِحُّ مِمَّنْ نَامَتْ عَيْنُهُ إِذْ هُوَ ظَاهِرٌ يُدْرَكُ بالجوارح الظاهرة فَوَكَّلَ بِلَالًا بِمُرَاعَاةِ أَوَّلِهِ لِيُعْلِمَهُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ شُغِلَ بِشُغْلٍ غَيْرِ النَّوْمِ عَنْ مُرَاعَاتِهِ» ..
فَإِنْ قِيلَ: «فَمَا مَعْنَى نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَوْلِ «نَسِيتُ» وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي.» !! وَقَالَ:
لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا؟.
فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ..
أَمَّا نَهْيُهُ عَنْ أَنْ يُقَالَ: نَسِيتُ آيَةَ كذا فمحمول على ما نسخ فعله «3» مِنَ الْقُرْآنِ.. أَيْ إِنَّ الْغَفْلَةَ فِي هَذَا لَمْ تَكُنْ مِنْهُ.. وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اضْطَرَّهُ إليها ليمحو ما يشاء ويثبت..