وَإِنّمَا يَقُولُ كَعْبٌ " الْمَأْمُونُ ", وَيُقَالُ " الْمَأْمُورُ " فِي قَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ: لِقَوْلِ قُرَيْشٍ الّذِي كَانَتْ تَقُولُهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُدُومُ كَعْبٍ عَلَى الرّسُولِ وَقَصِيدَتُهُ اللّامِيّةُ
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:
فَلَمّا بَلَغَ كَعْبًا الْكِتَابُ ضَاقَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَأَشْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَرْجَفَ بِهِ مَنْ كَانَ فِي حَاضِرِهِ مِنْ عَدُوّهِ فَقَالُوا: هُوَ مَقْتُولٌ فَلَمّا لَمْ يَجِدْ مِنْ شَيْءٍ بُدّا, قَالَ قَصِيدَتَهُ الّتِي يَمْدَحُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ فِيهَا خَوْفَهُ وَإِرْجَافَ الْوُشَاةِ بِهِ مِنْ عَدُوّهِ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيّرَ بَعْدَنَا
... مَلَاحَةُ عَيْنَيْ أُمّ عَمْرٍو وَجِيدُهَا
وَهَلْ بَلِيَتْ أَثْوَابُهَا بَعْدَ جِدّةٍ
... أَلَا حَبّذَ أَخْلَاقُهَا وَجَدِيدُهَا
وَمِمّا يُسْتَحْسَنُ وَيُسْتَجَادُ مِنْ قَوْلِ كَعْبٍ
لَوْ كُنْت أَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ لَأَعْجَبَنِي
... سَعْيُ الْفَتَى وَهُوَ مَخْبُوءٌ لَهُ الْقَدَرُ
يَسْعَى الْفَتَى لِأُمُورٍ لَيْسَ يُدْرِكُهَا
... فَالنّفْسُ وَاحِدَةٌ وَالْهَمّ مُنْتَشِرُ
وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ
... لَا تَنْتَهِي الْعَيْنُ حَتّى يَنْتَهِي الْأَثَرُ
وَقَوْلُهُ:
إنْ كُنْت لَا تَرْهَبُ ذَمّي
... لِمَا تَعْرِفُ مِنْ صَفْحِي عَنْ الْجَاهِلْ
فَاخْشَ سُكُوتِي إذْ أَنَا مُنْصِتٌ
... فِيك لِمَسْمُوعِ خَنَا الْقَائِلْ
فَالسّامِعُ الذّمّ شَرِيكٌ لَهُ
... وَمُطْعِمُ الْمَأْكُولِ كَالْآكِلْ
مَقَالَةُ السّوءِ إلَى أَهْلِهَا
... أَسْرَعُ مِنْ مُنْحَدِرٍ سَائِلْ
وَمَنْ دَعَا النّاسَ إلَى ذَمّهِ
... ذَمّوهُ بِالْحَقّ وَبِالْبَاطِلْ