. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اضْرِبْ فَقَدْ خُصّصَ لَك ضَرْبًا مِنْ الْمَصَادِرِ بِجَوَازِ تَقْدِيمِ مَعْمُولِهَا عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ الْمَصْدَرُ غَيْرَ أَمْرٍ وَكَانَ نَكِرَةً لَمْ يَتَقَدّمْ الْمَفْعُولُ خَاصّةً عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْرُورِ وَالظّرْفِ فَالْوَاجِبُ إِذا رَبْطُ هَذَا الْبَابِ وَتَفْصِيلُهُ.
مَتَى يَجُوزُ تَقْدِيمُ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ؟
فَنَقُولُ كُلّ مَصْدَرٍ نَكِرَةٌ غَيْرِ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ مَعْمُولِهِ عَلَيْهِ إلّا الْمَفْعُولَ لِأَنّ الْمَصْدَرَ النّكِرَةَ لَا يَتَقَدّرُ بِأَنْ وَالْفِعْلِ لِأَنّك إنْ قَدّرْته بِأَنْ وَالْفِعْلِ بَقِيَ الْفِعْلُ بِلَا فَاعِلٍ وَمَا كَانَ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَهُ فَالْمُضَافُ إلَيْهِ فَاعِلٌ فِي الْمَعْنَى أَوْ مَفْعُولٌ فَلِذَلِكَ يَصِيرُ الْمَصْدَرُ مُقَدّرًا بِأَنْ وَالْفِعْلِ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَمِنْهُ حُسْنُ قَوْلٍ وَرِقّةٌ أَنْ أَرَى مِنْهُ خُرُوجًا، أَيْ أَرَى خُرُوجًا مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ الدّخُولَ فَقَالَ أَرَى فِيهِ دُخُولًا، يُرِيدُ دُخُولًا فِيهِ لَكَانَ حَسَنًا، وَتَقُولُ اللهُمّ اجْعَلْ مِنْ أَمْرِنَا فَرَجَا وَمَخْرَجًا، فَمِنْ أَمْرِنَا: مُتَعَلّقٌ بِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَلَا خَفَاءَ فِي حُسْنِ هَذَا التّقْدِيمِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
وَمِنْ قَوْلِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فِي مَعْنَى مَا تَقَدّمَ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ:
أَتُبْكِرُ أَمْ أَنْتَ الْعَشِيّةَ رَائِحُ
... وَفِي الصّدْرِ مِنْ إضْمَارِك الْحُزْنَ قَادِحُ
لِفُرْقَةِ قَوْمٍ لَا أُحِبّ فِرَاقَهُمْ
... كَأَنّك عَنْهُمْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ نَازِحُ
وَأَخْبَارِ صِدْقٍ خَبّرَتْ عَنْ مُحَمّدٍ
... يُخَبّرُهَا عَنْهُ إذَا غَابَ نَاصِحُ
فَتَاك الّذِي وَجّهْت يَا خَيْرَ حُرّةٍ
... بِغَوْرِ وَالنّجْدَيْنِ حَيْثُ الصّحَاصِحُ1
إلَى سُوقِ بُصْرَى فِي الرّكَابِ الّتِي غَدَتْ
... وَهُنّ مِنْ الْأَحْمَالِ قُعْصٌ دَوَالِحُ2