وَمَنْ طَافَ مِنْهُمْ فِي ثِيَابِهِ الّتِي جَاءَ فِيهَا مِنْ الْحِلّ أَلْقَاهَا، فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ الْعَرَبِ يَذْكُرُ شَيْئًا تَرَكَهُ مِنْ ثِيَابِهِ فَلَا يَقْرَبُهُ - وَهُوَ يُحِبّهُ -:
كَفَى حَزَنًا كَرّي عَلَيْهَا كَأَنّهَا ... لَقًى بَيْنَ أَيْدِي الطّائِفِينَ حَرِيمُ1
يَقُولُ: لَا تمس.
تَرْوِي لَقًى أُلْقِيَ فِي صَفْصَفٍ
... تَصْهَرُهُ الشّمْسُ فَمَا يَنْصَهِرْ
تُرْوَى بِفَتْحِ التّاءِ أَيْ تَسْتَقِي لَهُ وَمِنْ اللّقَى: حَدِيثُ فَاخِتَةَ أُمّ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَكَانَتْ دَخَلَتْ الْكَعْبَةَ وَهِيَ حَامِلٌ مُتِمّ بِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ فَلَمْ تَسْتَطِعْ الْخُرُوجَ مِنْ الْكَعْبَةِ، فَوَضَعَتْهُ فِيهَا، فَلُفّتْ فِي الْأَنْطَاعِ هِيَ وَجَنِينُهَا، وَطُرِحَ مَثْبِرُهَا2 وَثِيَابُهَا الّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا، فَجُعِلْت لَقًى لَا تُقْرَبُ.
رِجْزُ الْمَرْأَةِ الطّائِفَةِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ قَوْلَ الْمَرْأَةِ:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلّهُ
الْبَيْتَيْنِ وَيَذْكُرُ أَنّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ ضُبَاعَةُ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ ثُمّ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ بْنِ قُشَيْرٍ، وَذَكَرَ مُحَمّدُ بْنُ حَبِيبٍ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَهَا، فَذُكِرَتْ لَهُ عَنْهَا كِبْرَةٌ فَتَرَكَهَا، فَقِيلَ إنّهَا مَاتَتْ كَمَدًا وَحُزْنًا عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْمُؤَلّفُ إنْ كَانَ صَحّ هَذَا، فَمَا أَخّرَهَا عَنْ أَنْ تَكُونَ أُمّا لِلْمُؤْمِنِينَ وَزَوْجًا لِرَسُولِ رَبّ الْعَالَمِينَ إلّا قَوْلُهَا:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلّهُ. تَكْرِمَةً مِنْ اللهِ لِنَبِيّهِ وَعِلْمًا مِنْهُ بِغَيْرَتِهِ وَاَللهُ أَغْيَرُ مِنْهُ.
أُسْطُورَةٌ:
وَمِمّا ذُكِرَ مِنْ تَعَرّيهمْ فِي الطّوَافِ أَنّ رَجُلًا وَامْرَأَةً طَافَا كَذَلِكَ فَانْضَمّ الرّجُلُ