وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ أَيْضًا:
وَتِلْكَ قُرَيْشٌ تَجْحَدُ اللهَ حَقّهُ ... كَمَا جَحَدَتْ عَادٌ وَمَدْيَنُ وَالْحِجْرُ
فَإِنْ أَنَا لَمْ أَبْرِقْ فَلَا يَسَعَنّنِي ... مِنْ الْأَرْضِ بَرّ ذُو فَضَاءٍ وَلَا بَحْرُ
الظّاهِرَةِ وَقَعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مُتَعَدّيًا أَوْ وُصِلَ بِحَرْفِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدّ وَمُنِعَ مِنْ الْإِضْمَارِ أَنّهُ لَفْظِيّ، وَالْإِضْمَارُ مَعْنَوِيّ إلّا فِي بَابِ الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ وَقَدْ قَدّمْنَا فِيهِ سِرّا بَدِيعًا فِيمَا سَبَقَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
فَصْلٌ: وَأَنْشَدَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ شِعْرًا فِيهِ:
كَمَا جَحَدَتْ عَادٌ وَمَدْيَنُ وَالْحِجْرُ
أَمّا عَادٌ فَقَدْ تَقَدّمَ نَسَبُهَا، وَأَمّا الْحِجْرُ فَلَيْسَتْ بِأُمّةِ وَلَكِنّهَا دِيَارُ ثَمُودَ. أَرَادَ أَهْلَ الْحِجْرِ، وَأَمّا مَدْيَنُ فَأُمّةُ شُعَيْبٍ، وَهُمْ بَنُو مَدَيَانِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلَامُ وَأُمّهُمْ قُطُورًا بِنْتُ يَقِطَانِ الْكَنْعَانِيّةُ، وَلَدَتْ لَهُ ثَمَانِيّةً مِنْ الْوَلَدِ تَنَاسَلَتْ مِنْهُمْ أُمَمٌ وَقَدْ سَمّيْنَاهُمْ فِي كِتَابِ التّعْرِيفِ وَالْإِعْلَامِ وَفِي أَوّلِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَفِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ:
فَإِنْ أَنَا لَمْ أَبْرِقْ فَلَا يَسَعَنّنِي.
الْبَيْتَ قَالَ وَبِهِ سُمّيَ الْمُبْرِقَ قَالَ الْمُؤَلّفُ وَفِي هَذَا حُجّةٌ عَلَى الْأَصْمَعِيّ حِينَ مَنَعَ أَنْ يُقَالَ أُرْعِد وَأُبْرِق، وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ الْكُمَيْتِ:
أُرْعِدُ وَأُبْرِقُ يَا يَزِيدُ
فَلَمْ يَرَهُ حُجّةً وَقَالَ الْكُمَيْتُ جُرْمقَانِيّ مِنْ أَهْلِ الْمُوصِلِ لَيْسَ بِحُجّةِ,