قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:
الشّعْرُ الّذِي فِيهِ هَذَا الْبَيْتُ مَصْنُوعٌ فَذَلِكَ الّذِي مَنَعَنَا مِنْ إثْبَاتِهِ.
اعتناق تبع النَّصْرَانِيَّة، وَكسوته الْبَيْت وتعظيمه وَشعر سبيعة فِي ذَلِك:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ تُبّعٌ وَقَوْمُهُ أَصْحَابُ أَوْثَانٍ يَعْبُدُونَهَا، فَتَوَجّهَ إلَى مَكّةَ، وَهِيَ طَرِيقُهُ إلَى الْيَمَنِ، حَتّى إذَا كَانَ بَيْنَ عُسْفان، وَأَمَجَ، أَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ هُذَيل بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدّ، فَقَالُوا لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ أَلَا نَدُلّك عَلَى بَيْتِ مَالٍ دَائِرٍ أَغَفَلَتْهُ الْمُلُوكُ قَبْلَك، فِيهِ اللّؤْلُؤُ وَالزّبَرْجَدُ وَالْيَاقُوتُ وَالذّهَبُ وَالْفِضّةُ؟ قَالَ
حَنَقًا عَلَى سِبْطَيْنِ حَلّا يَثْرِبَا
... أَوْلَى لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدِ
وَذَكَرَ فِي الْقَصِيدَةِ ذَا الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ الصّعْبُ بْنُ ذِي مَرَاثِدَ فَقَالَ فِيهِ:
وَلَقَدْ أَذَلّ الصّعْبُ صَعْبَ زَمَانِهِ
... وَأَنَاطَ عُرْوَةَ عِزّهُ بِالْفَرْقَدِ
لَمْ يَدْفَعْ الْمَقْدُورَ عَنْهُ قُوّةً
... عِنْدَ الْمَنُونِ وَلَا سُمُوّ الْمَحْتِدِ
وَالصّنْعَةُ بَادِيَةٌ فِي هَذَا الْبَيْتِ وَفِي أَكْثَرِ شِعْرِهِ وَفِيهِ يَقُولُ:
فَأَتَى مَغَارَ الشّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا
... فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَأْطَ حَرْمَدِ1
وَالْخُلُبُ الطّينُ وَالثّأَطُ الْحَرْمَدُ وَهُوَ الْحَمَأُ الْأَسْوَدُ وَرَوَى نَقَلَةُ الْأَخْبَارِ أَنّ تُبّعًا لَمّا عَمِدَ إلَى الْبَيْتِ يُرِيدُ إخْرَابَهُ رُمِيَ بِدَاءِ تَمَخّضَ مِنْهُ رَأْسُهُ قَيْحًا وَصَدِيدًا يَثُجّ ثَجّا، وَأَنْتَنَ حَتّى لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ قَيْدَ الرّمْحِ وَقِيلَ بَلْ أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ رِيحٌ كَتّعَتْ مِنْهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَصَابَتْهُمْ ظُلْمَةٌ شَدِيدَةٌ حَتّى دَفّتْ خَيْلُهُمْ2 فَسُمّيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ الدّفّ فَدَعَا بِالْحُزَاةِ3 وَالْأَطِبّاءِ فَسَأَلَهُمْ عَنْ دَائِهِ فَهَالَهُمْ مَا رَأَوْا مِنْهُ وَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُمْ فَرَجًا. فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الْحَبْرَانِ: لَعَلّك هَمَمْت بِشَيْءِ فِي أَمْرِ هَذَا