خير من جند كثيف، ابعث إلى خالد واستمده، ففعل، فقدم رسوله على خالد غب وقعة العين مستغيثا، فعجل به خالد إلى عياض وكتب إليه معه: إياك أريد.
لبث قليلا تأتك الجلائب
... يحملن آسادا عليها القاشب
كتائب يتبعها كتائب
ولما فرغ خالد من عين التمر خلف فيها عويمر بن الكاهل الأسلمى، وخرج فى تعبئته التى دخل فيها العين يريد عياضا، ولما بلغ أهل دومة مسير خالد إليهم بعثوا إلى أحزابهم من بهراء وكلب وغسان وتنوخ والضجاعم، وقبل ما أتتهم منهم طوائف فيهم وديعة الكلبى، وابن الأيهم التنوخى، وابن الحدرجان، فأشجوا عياضا وأشجوا به، فلما بلغهم دنو خالد وهم على رئيسين: أكيدر بن عبد الملك، والجودى بن ربيعة، اختلفوا، فقال أكيدر: أنا أعلم الناس بخالد، لا أحد أيمن طائرا منه، ولا أحد فى حرب، ولا يرى وجه خالد قوم قلوا أو كثروا إلا انهزموا عنه، فأطيعونى وصالحوا القوم، فأبوا عليه، فقال: لن أمالئكم على حرب خالد، فشأنكم.
فخرج لطيته، وبلغ ذلك خالدا فبعث عاصم بن عمرو معارضا له، فأخذه وقال: إنما تلقيت الأمير خالدا، فلما أتى به خالدا أمر به فضربت عنقه، وأخذ ما كان معه من شىء، ومضى خالد حتى ينزل على أهل دومة، وعليهم الجودى بن ربيعة، فجعل خالد دموة بين عسكره وعسكر عياض، وكان النصارى الذين أمدوا أهل دومة من العرب محيطين بحصن دومة لم يحملهم الحصن، فلما اطمأن خالد خرج الجودى فنهض بوديعة فزحفا لخالد، وخرج ابن الحدرجان وابن الأيهم إلى عياض، فاقتتلوا فهزم الله الجودى ووديعة على يدى خالد، وهزم عياض من يليه، وركبهم المسلمون، فأما خالد فإنه أخذ الجودى أخذا، وأخذ الأقرع بن حابس وديعة، وأرز بقية الناس إلى الحصن، فلم يحملهم، فلما امتلأ الحصن، أغلق من فى الحصن الحصن دون أصحابهم، فبقوا حوله، وقال عاصم ابن عمرو: يا بنى تميم، حلفاؤكم كلب آسوهم وأجيروهم، فإنكم لا تقدرون لهم على مثلها، ففعلوا، وكان سبب نجاتهم يومئذ وصية عاصم بهم، وأقبل خالد إلى الذين أرزوا إلى الحصن فقتلهم حتى سد بهم باب الحصن، ودعا بالجودى فضرب عنقه، وضرب أعناق الأسرى إلا أسير كلب، فإن عاصما والأقرع وبنى تميم قالوا: قد أمناهم، فأطلقهم لهم خالد، وقال: ما لى ولكم أتحوطون أمر الجاهلية وتضيعون أمر الإسلام؟ فقال له عاصم: لا تحسدهم العافية، ولا تحرزهم الشيطان. ثم أطاف خالد بباب الحصن، فلم يزل عنه حتى اقتلعه، واقتحموا عليهم، فقتلوا المقاتلة وسبوا الشرخ فأقاموهم فيمن يزيد،