انتدب سعد بن عبيد القارى، ففر يوم الجسر، فكان بعد ذلك يقول: إن الله اعتد علىّ بغرة فى أرض فارس، فعسى أن يعيد لى فيها كرة.
وفى حديث غير المدائنى: فكانت الوجوه تعرض عليه بعد ذلك فيأبى إلا العراق، ويقول: إن الله اعتد علىّ فيها بغرة، وذكر نحو ما تقدم.
واختلف ما ذكره سيف فيمن كان إليه أمر فارس عند قدوم أبى عبيد بحسب اختلاف أهل الأخبار عليه فى ذلك.
فمما ذكره أن بوران بنت كسرى كانت، كلما اختلف الناس بالمدائن، عدلا بينهم حتى يصطلحوا، فلما قتل الفرخزاد وقدم رستم فقتل أرزميدخت، كانت بوران عدلا إلى أن استخرجوا يزدجرد.
قال: فقدم أبو عبيد والعدل بوران، وصاحب الحرب رستم.
وذكر من طريق آخر: أن بوران هى التى استحثت رستم فى السير، وكان على فرج خراسان، لما قتل الفرخزاد، فأقبل رستم فى الناس حتى نزل المدائن، لا يلقى جيشا لأرزميدخت إلا هزمه، واقتتلوا بالمدائن، فهزمهم سياوخش وهو قاتل الفرخزاد، وحصر أرزميدخت ثم افتتح المدائن، فقتل سياوخش، وفقأ عين أرزميدخت، ونصب بوران، فدعته إلى القيام بأمر فارس، وشكت إليه تضعضعهم وإدبار أمرهم، على أن تملكه عشر حجج، ثم يكون الملك فى آل كسرى إن وجدوا من غلمانهم أحدا، وإلا ففى نسائهم.
فقال رستم: أما أنا فسامع مطيع، غير طالب عوضا ولا ثوابا، فإن شرفتمونى وصنعتم إلىّ شيئا فأنتم أولياء ما صنعتم، إنما أنا سهمكم وطوع أيديكم. فقالت بوران: اغد علىّ، فغدا عليها، ودعت مرازبة فارس، فكتبت له: بأنك على حرب فارس، ليس عليك إلا الله عن رضا منا وتسليم لحكمك، وحكمك جائز فيهم ما كان حكمك فى منع أرضهم وجمعهم عن فرقتهم، وتوجته وأمرت أهل فارس أن يسمعوا له ويطيعوا، ودانت له فارس بعد قدوم أبى عبيد.
فهذا ما ذكره سيف فى شأن مملكة فارس إذ ذاك.
قال: وكتب رستم إلى دهاقنة السواد أن يثوروا بالمسلمين، ودس إلى كل رستاق رجلا ليثور بأهله، فبعث جابان إلى البهقباذ الأسفل، وبعث نرسى إلى كسكر، وبعث المصادمة إلى المثنى، وبلغ المثنى ذلك، فضم إليه مسالحه وحذر، وعجل جابان فنزل