النمارق، وتوالوا على الخروج، فخرج نرسى، فنزل زندورد، وثار أهل الرساتيق من أعلى الفرات إلى أسفله، وخرج المثنى بن حارثة فى جماعة حتى ينزل خفان، لئلا يؤتى من خلفه بشىء يكرهه، فأقام حتى قدم عليه أبو عبيد.
وأما المدائنى فلم يعرض لما عرض له سيف فى شأن مملكة فارس، بل بنى على أن يزدجرد هو كان الملك عليهم حينئذ، فإنه قال بعقب ما نسب إليه قبل: وبلغ يزدجرد أن ملك العرب يسير إليه، فشاور أهل بيته ومرازبته، فقالوا له: وجه إلى أطرافك فحصنها وأخرج من فيها من العرب، فوجه جالينوس ورستم وليس بالأزدى ومردان شاه ونرسى ابن خال أبرويز، وكل واحد فى خمسة آلاف، وأمرهم أن ينزلوا متفرقين، ويكون بعضهم قريبا من بعض كل رجل فى أصحابه، ويمد بعضهم بعضا إن احتاجوا إلى ذلك، وأمرهم أن يقتلوا من قدروا عليه من العرب، فخرجوا والمثنى بالحيرة، فبلغه مسيرهم، فخرج لينزل على البلاد، فلقى على قنطرة النهرين خرزاذبه فقتله.
ومضى المثنى فنزل من وراء أليس، ونزل العجم متفرقين، فنزل نرسى كسكر، ونزل مردان شاه فيما بين سورا وقبين، ونزل رستم بابل، ونزل جالينوس بارسمى، ووجه جالينوس جابان فى ألف إلى أليس، ووجه أزاذبه إلى الحيرة فى ألف، وفصل أبو عبيد بن مسعود من المدينة فى ألف وثمانمائة من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فيهم من ثقيف أربعمائة معهم أبو محجن، كان مع خالد بن الوليد بالشام فلما.
أتتهم وفاة أبى بكر رجع إلى المدينة، فخرج مع أبى عبيد، وانضم إلى أبى عبيد فى الطريق مائة من بنى أسد، ومائتان من طيئ، ومائة من بنى ذبيان بن بغيض، ومائة من بنى عبس، معهم خمسة وعشرون فرسا، وخرج المثنى بن حارثة فى ثلاثمائة وسبعين من بكر بن وائل، وثلاثمائة من بنى تميم حنظلة وعمرو وسعد والرباب، فتلقى أبا عبيد ثم أقبل معه حتى نزل عسكره الذى كان فيه، ووضع عيونا على المسلحة التى بأليس فأتوه فأعلموه فأخبر أبا عبيد، فقال له: إن أذنت لى سرت إليهم، فأذن له وضم إليه ابنه جبر بن أبى عبيد، وقال لابنه جبر: لا تخالفه، فسار المثنى فصبح أليس وهم آمنون فلم يكن بينهم كبير قتال حتى انهزموا، فأصاب المسلمون سلاحا ومتاعا ليس بالكثير، ورجع إلى أبى عبيد، ونزل جابان فيما بين الحيرة والقادسية، وكتب أبو عبيد إلى عمر، رضى الله عنه، بخبر أليس، فسر المسلمون ونشطوا، وخرج قوم من المدينة إلى أبى عبيد، وتقدم أبو عبيد فلقى جابان فيما بين الحيرة والقادسية، وجابان فى ألفين معه ازاذبه، فلم يطل القتال بينهم حتى انهزم المشركون.