التى كان أصيب بها يوم الجسر، فمات رحمه الله، ولما أحس بالموت استخلف على الناس بشير بن الخصاصية، وكتب إلى سعد:
كتبت إليك وأنا لا أرانى إلا لما بى، فإن أهلك أو أسلم فإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الجنة مأوى المتقين، وأن النار مثوى الكافرين، ولا أخال العجم إلا سيجمعون على حربك، فهم لاقوك بجمع لم يلقونا بمثله، وقد أرانى الله إن كان قضى بينك وبينهم حربا أن تقاتلهم على أدنى حجر من بلادك، على حد أرضهم، فإن ظفرتم فلكم ما وراءهم، وإن كانت الأخرى، ولا أراها الله المسلمين، كنتم أعلم بسبيلكم وأجرأ على طريقكم وأجرأ على أرضكم، وانحزتم إلى فئتكم إلى أن يرد الله لكم الكرة عليهم.
وكان مع بشير بن الخصاصية عند ما استخلفه المثنى وجوه أهل العراق، ومع سعد وجوه أهل العراق الذين قدموا على عمر، رحمه الله، فيهم فرات بن حيان العجلى وعتيبة ابن النهاس، فردهم مع سعد.
فمن أجل ذلك اختلف الناس فى عدد أهل القادسية، فمن قال: هم أربعة آلاف، فلمخرجهم مع سعد من المدينة، ومن قال: ثمانية آلاف، فلاجتماعهم بزرود، ومن قال:
تسعة آلاف، فللحاق القيسيين، ومن قال: اثنا عشر ألفا، فلدفوف بنى أسد من فروع الحزن بثلاثة آلاف، وقدم عليه بعد ذاك ناس كثير مع الأشعث بن قيس وغيره.
قالوا: فجميع من شهد القادسية بضعة وثلاثون ألفا.
وكتب سعد إلى عمر، رحمه الله، بموت المثنى، فكتب إليه: أن سر حتى تنزل بشراف، واحذر على من معك من المسلمين، وعليك بالإصلاح ما استطعت.
فارتحل سعد عن زرود ومعه تميم وقيس واليمن وغيرهم، وفيهم رجالة فحمل بنو تميم ضعفاءهم حتى قدموا شراف فنزلها، فأتاهم بشير بن الخصاصية وجرير ومن كان معه بفروع الحزن، وقدم عليه المعنى بن حارثة، أخو المثنى، وقدمت معه زوج المثنى، سلمى بنت خصفة من بنى تميم اللات بوصيته إلى سعد، وكان قد أوصى بها وأمرهم أن يعجلوها عليه بزرود، فلم يفرغوا لذلك، وشغلهم عنه قابوس بن قابوس بن المنذر إلى أن انقضى ذلك، كما نذكره بعد ذكر مقتل قابوس على ما ذكره المدائنى، فقدم حينئذ المعنى وسلمى على سعد بوصية المثنى ورأيه، فترحم عليه سعد عند ما انتهى ذلك إليه، وأمّر أخاه المعنى على عمله، وأوصى بأهل بيته خيرا، وخطب سلمى فتزوجها وبنى بها،