وبنى مسجدا بشراف، فقال بعض التميميين يذكر نفيرهم إلى سعد وقراهم له وحملانهم:
فنفرنا إليهم باحتساب
... لم نعرج ولم نذق تغميضا
وقريناهم ربيعا من الرسل
... حقينا مثملا وغريضا
وحملنا رجالهم من زرود
... إذ تعايوا فلم يطيقوا النهوضا
وكتب سعد إلى عمر حين نزل شراف يخبره بمكانه، فقال: لأرمين فارس وأبناءها بالمهاجرين وأبناء المهاجرين، فوجه ألفا ومائة منهم ممن شهد بدرا نيف وأربعون رجلا وسائرهم ممن شهد بيعة الرضوان إلى الفتح، وحضهم عمر، رحمه الله، فقال: إن أحب عباد الله إلى الله وأعظمهم عنده منزلة أتقاهم له وأشدهم منه رجلا، فعليكم بتقوى الله والإصلاح ما استطعتم، وما التوفيق إلا بالله، الزموا الطاعة يجمع الله لكم ما تحبون من دينكم ودنياكم، وأوفوا بالعهد لمن عاهدتم، وإياكم والغدر والغلول، فإنه من يغلل يأت بما غل يوم القيامة، ومن غدر أدال الله منه عدوه، ووهن كيده، فافهموا ما توعظون به، واعقلوا على الله أمره، ولا تكونوا كالجفاة الجاهلية.
وعن سيف «1» : أن عمر، رحمه الله، قال: والله لأضربن ملوك العجم بملوك العرب، فلم يدع رئيسا، ولا ذا رأى، ولا ذا شرف، ولا ذا سلطة، ولا خطيبا ولا شاعرا إلا رماهم به، فرماهم بوجوه الناس وغررهم.
وكتب عمر، رضى الله عنه، إلى عبيدة وهو بالشام أن يمد سعدا بمن كان عنده من أهل العراق، وكانوا ستة آلاف، ومن اشتهى أن يلحق بهم، وكتب إلى المغيرة بن شعبة أن يسير إلى سعد من البصرة، وكتب إلى سعد بمثل رأى المثنى الذى أشار به على سعد:
أما بعد، فسر من شراف نحو فارس بمن معك من المسلمين، وتوكل على الله، واستعن به على أمرك كله، واعلم أنك تقدم على أمة عددهم كثير، وعدتهم فاضلة، وبأسهم شديد، وعلى بلد وإن كان سهلا كؤود لبحوره وفيوضه ودآدئه، فإذا لقيتم القوم أو أحدا منهم فابدؤهم الضرب والشد، وإياكم والمناظرة لجموعهم، ولا يخدعنكم، فإنهم خدعة مكرة، أمركم غير أمرهم، إلا أن تجادوهم، فإذا انتهيت إلى القادسية، والقادسية باب فارس فى الجاهلية، وهى أجمع تلك الأبواب لما تريد ويريدون، وهو منزل رحيب خصيب حصين دونه قناطر وأنهار ممتنعة، فتكون مسالحك على