مثل نعام جافل «1» لم يقسم، ينذر فيها ناذر لمنعم، تكون ميراثا وعقدا محكم، ليست كبعض ما قد تعلم، وهى بين الفرث والدم.
فزعموا أنه حين قيل له ذلك قال: وأين هى؟ قيل له: عند قرية النمل حيث ينقر الغراب غدا. فغدا عبد المطلب ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره، فوجد قرية النمل ووجد الغراب ينقر عندها، بين الوثنين إساف ونائلة اللذين كانت قريش تنحر عندهما ذبائحهما.
فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر، فقامت إليه قريش حين رأوا جده، فقالوا: والله لا نتركنك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما. فقال عبد المطلب لابنه الحارث:
ذب عنى فو الله لأمضين لما أمرت به.
فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر وكفوا عنه، فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطى، فكبر وعرف أنه قد صدق، فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب، وهما الغزالان اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكة، ووجد فيها أسيافا قلعية «2» وأدراعا.
فقالت له قريش: يا عبد المطلب لنا معك فى هذا شرك وحق، قال: لا، ولكن هلموا إلى أمر نصف بينى وبينكم، فضرب عليها بالقداح. قالوا: وكيف نصنع؟ قال: أجعل للكعبة قدحين ولى قدحين ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه على شىء فهو له ومن تخلف قدحاه فلا شىء له، قالوا: أنصفت.
فجعل قدحين أصفرين للكعبة، وقدحين أسودين لعبد المطلب، وقدحين أبيضين لقريش. ثم أعطوا القداح الذى يضرب بها عند هبل، وهبل صنم فى جوف الكعبة، وهو أعظم أصنامهم، وهو الذى عنى أبو سفيان بن حرب لما نادى يوم أحد: اعل هبل، أى أظهر دينك.
وقام عبد المطلب يدعو الله، وضرب صاحب القداح، فخرج الأصفران على