وبين شرحبيل بن السمط، ووكل صاحب الطلائع بالطرد، وخلط بين الناس فى القلب والمجنبات، ونادى مناديه: ألا إن الحسد لا يحل إلا على الاجتهاد فى أمر الله تعالى يا أيها الناس، فتحاسدوا وتغايروا على الاجتهاد.
وذكر المدائنى أنه كان على الميمنة يوم القادسية شرحبيل بن السمط، وعلى الميسرة هاشم بن عتبة، وعلى الخيل قيس بن مكشوح، وعلى الرجل المغيرة بن شعبة، فالله تعالى أعلم.
وكان سعد يومئذ لا يستطيع أن يركب ولا يجلس، كان به عرق النسا ودماميل، وإنما هو على وجهه وفى صدره وسادة، وهو مكب عليها، مشرف على الناس من القصر، يرمى بالرقاع فيها أمره ونهيه إلى خالد بن عرفطة، وهو أسفل منه، وكان الصف إلى جانب القصر، وكان خالد كالخليفة لسعد لو لم يكن سعد شاهدا مشرفا.
وقيل: بل استخلفه على الناس لأجل شكواه، فاختلف عليه الناس، فقال سعد:
احملونى، فأشرفوا به على الناس، فارتقوا به، فأكب مطلعا عليهم، والصف فى أصل حائط قديس، حيث كان سعد يأمر خالدا فيأمر خالد الناس، وكان ممن شغب عليه وجوه من وجوه الناس، فهم بهم سعد وشتمهم، وقال: أما والله لولا أن عدوكم بحضرتكم لجعلكم نكالا لغيركم فحبسهم فى القصر وقيدهم، منهم أبو محجن الثقفى.
وقال جرير يومئذ: أما أنى بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن أسمع وأطيع لمن ولى الأمر وإن كان عبدا حبشيا.
وقال سعد: والله لا يعود أحد بعدها يحبس المسلمين عن عدوهم ويساغبهم وهم بإزائهم إلا سننت فيه سنة يؤخذ بها من بعدى.
وذكر المدائنى أنه أتى رستما رجل من أهل الحيرة ليلا، فقال له: أمير المسلمين وجع، وهو فى قصر العذيب مع العيال، ولو طرقته خيل لقتل لا يشعر به أصحابه، فانتخب رستم خمسمائة فارس، فوجههم، إليه، فترفعوا عن العسكرين وقطعوا الوادى، وأخذوا فى خفض من الأرض، وجاء رجل من العجم إلى المسلمين مستأمنا، فأخبرهم، فانتدب حنظلة بن الربيع الأسيدى فى خمسمائة من تحت الليل، فسار إلى العذيب، وقال لأصحابه: إنه ليطيب نفسى أن عبد الله بن سبرة عند سعد، فانتهى إلى سعد عند طلوع الفجر ولم تصل إليهم الفرس، فأنذروه وأصبحوا فإذا الأساورة متحدرون من ناحية وادى السباع، فتلقاهم عبد الله بن سبرة الواقفى، أحد بنى حرملة بن سعد بن مالك بن