الشمس. ثم حتى ذهبت هدأة من الليل، ثم رجع هؤلاء وهؤلاء، وأصيب من بنى أسد تلك العشية خمسمائة، وكانوا ردآ للناس، وكان عاصم عادية الناس وحاميتهم، فهذا يوم القادسية الأول، وهو يوم أرماث.
وقال عاصم بن عمرو التميمى فى ذلك:
ألم يأتيك والأنباء تسرى
... بما لاقيت فى يوم النزال
ولما أن تزايل مقرفوهم
... عصينا القوم بالأسل الطوال
وعريت الفيول من التوابى
... وعطلت الخيول من الرجال
ولولا ذبنا عمن يلينا
... للج الجمع فى فعل الضلال
حمينا يوم أرماث حمانا
... وبعض القوم أولى بالحمال
وقال عمرو بن ساس الأسدى:
فلا وأبيك لا ينفك فينا
... من السادات حظ ما بقينا
ألسنا المانحين لدى قديس
... جموع الفرس مرداة طحونا
ولسنا مثل من لا طرق فيه
... ولكن غثنا يلفى سمينا
ونحن إذا يريح الليل أمرا
... يهم الناس عصمة من يلينا
ومرقصة منعناها إذا ما
... رأت دون المحافظة التقينا
نذكرها إذا ولهت بنيها
... ونحميها إذا نحمى بنينا
إذا افترش النواحى بالنواحى
... وكان القوم فى الأبدان جونا
إذا ثار الغبار كأن فيه
... إذا اصطفت عجاجته طحينا
وقد علمت بنو أسد بأنا
... نضارب بالسيوف إذا غشينا
ونحن فوارس الهيجا إذا ما
... رأيت الخيل مسندة عرينا
وذكر المدائنى خبر هذا اليوم، وقد أورد كثيرا مما أورده، فى تضاعيف الأخبار المتقدمة وفى بعض ما ذكره أن المسلمين هم الذين عبروا إلى الفرس، خلافا لما تقدم ذكره: أنه لما عزم الفريقان على اللقاء أرسل سعد إلى جرير والمغيرة وحنظلة، فقال:
إنكم قد أصبحتم فى دار قد أذل الله لكم أهلها، فأنتم تطئونهم منذ سنين، وقد أتوكم فى جمع لا أظنهم يريدون أن يزايلوكم حتى يفصل بينكم، ولستم وهم سواء فى دنيا تقاتلون عنها، وقد خلفوا مثلها، فإن فروا فروا إلى مثلها وأنتم تقاتلون عن دينكم، فإن فررتم فررتم عنه إلى فيافى لا خير فيها، وأنتم غرر قومكم، إنكم إن ظهرتم عليهم كان لكم أبناؤهم ونساؤهم، وإن تواكلتم لم يبقوا منكم باقية مخافة أن تعودوا عليهم،