لقى بالأمس الأمداد على البرد، فلولا الذى صنع الله للمسلمين فى الذى ألهم إليه القعقاع فى اليومين، وما أتاح لهم بهاشم لكسر ذلك المسلمين.
وأصيب يومئذ مؤذن سعد بن أبى وقاص فتشاح الناس على الأذان، حتى كادوا يجتلدون بالسيوف، فأقرع بينهم سعد.
قالوا «1» : ولما أمسى الناس من يومهم ذلك، وأطعنوا إلى الليل، واشتد القتال فصبر الفريقان، فخرجا على السواء فلم يسمع إلا الغمائم من هؤلاء وهؤلاء، فسميت ليلة الهرير، ولم يكن بعدها قتال بليل فى القادسية.
وجدد المشركون فى تلك الليلة تعبئة، وأخذوا فى أمر لم يكونوا عليه فى الأيام الثلاثة، وبقى المسلمون على تعبئتهم، فخرج مسعود بن مالك الأسدى، وقيس بن هبيرة المرادى، وهو ابن المكشوح، وأشباههم فطاردوا القوم وحركوهم للقتال، فإذا هم فيه أمة لا يشهدون ولا يريدون إلا الزحف، فقال قيس بن مكشوح لمن يليه، ولم يشهد شيئا من لياليها إلا تلك الليلة: إن عدوكم قد أبى إلا المزاحفة، والرأى رأى الأمير، وليس بأن تحمل الخيل ليس معها الرجال، فإن القوم إذا زحفوا وطاردهم عدوهم على الخيل لا رجال معهم عقروا بهم، ولم يطيقوا أن يقدموا عليهم، فتيسروا للحملة.
وقال دريد بن كعب النخعى، وكان معه لواء النخع: إن المسلمين قد تهيئوا للمزاحفة، فاسبقوا المؤمنين الليلة إلى الله والجهاد، فإنه لا يسبق الليلة أحد إلا كان ثوابه على قدر سبقه، فنافسوهم فى الشهادة، وطيبوا بالموت أنفسا، فإنه لا نجاء من الموت إن كنتم تريدون الحياة، وإلا فالآخرة ما أردتم.
وقال الأشعث بن قيس: يا معشر العرب، إنه لا ينبغى أن يكون هؤلاء أجرأ على الموت ولا أسخى أنفسا عن الدنيا منكم، تنافسوا ولا تجزعوا من القتل فإنه أمانى الكرام، ومنايا الشهداء، وترجل.
وقال حنظلة بن الربيع «2» وأمراء الأعشار: ترجلوا أيها الناس، وافعلوا كما نفعل، ولا