والله ما أنا بملك فأستعبدكم، ولكنى عبد الله عرض علىّ الأمانة، فإن أبيتها ورددتها عليكم وأتبعتكم حتى تشبعوا وترووا فى بيوتكم سعدت، وإن أنا حملتها واستتبعتكم إلى بيتى شقيت، ففرحت قليلا وحزنت طويلا، وبقيت لا أقال ولا أرد فأستعتب.
وكتب سعد، أيضا، إلى عمر فى ثلاثة أصناف من المسلمين اجتمعوا إليه يسأله عنهم، عمن أسلم بعد ما فتح الله تعالى، عليهم ممن كان له عهد ومعونة، وعمن أعتق الجند من رقيقهم بعد الفتح، وعمن جاء بعد ما فتح الله عليهم وأخبره أنه ممسك عن القسم حتى تأتيه رأيه.
قالوا: وكانت طائفة من الديلم ورؤساء أهل المسالح قد استجابوا للمسلمين واختاروا عهودهم على عهد فارس، وقاتلوا مع المسلمين على غير الإسلام، وكانوا حشوة فيمن أسلم منهم، فلما فتح الله تعالى على المسلمين قال أولئك الذين لم يكونوا أسلموا:
إخواننا الذين سبقونا دخلوا فى هذا الأمر من أول الشأن خير وأصوب رأيا، والله لا يفلح أهل فارس بعد رستم إلا من دخل فى هذا الأمر منهم، فأسلموا، فهم الصنف الأول من الذين سأل عنهم سعد عمر، رضى الله عنهما، قالوا: وتتابع أهل العراق من أصحاب الأيام الذين شهدوا اليرموك ودمشق ورجعوا ممدين لأهل القادسية، فتوافوا بها من الغد ومن بعد الغد جاء أولهم يوم أغواث وآخرهم من بعد الغد من يوم الفتح، وقدمت أمداد فيها وهمدان ومن أبناء الناس، فهذا الصنف الثانى ممن كتب فيهم سعد.
وأقام المسلمون فى انتظار أمر عمر، رضى الله عنه، يقومون أقباضهم، ويحزرون جندهم ويرمون أمورهم ويجددون حربهم، حتى جاءهم جواب عمر:
أما بعد، فالغنيمة لمن شهد الوقعة، والمواساة لمن أغاث فى ثلاث بعد الوقعة، فأشركوهم ومن أعانكم فى حربكم من أهل عهدكم، ثم أسلم بعد الحرب فى ثلاث، ومن شهد حربكم من مملوك ثم عتق فى ثلاث بعدها فأشركوا هؤلاء الأصناف الثلاثة فيما أفاء الله عليكم.
وكانوا كتبوا إليه، أيضا، يسألونه عمن احتلم بعد الوقعة ممن شهدها، فأجابهم عن ذلك:
أما بعد فمن أدرك الحلم ممن شهد الوقعة فى ثلاث بعدها فأشركوهم وألحقوهم، وأقسموا لهم ولمن لحق فى ثلاث أو أسلم فى ثلاث، فإن الله لن يزيدكم بذلك إلا فضلا، وليست فى الفيوء أسوة بعد الخمس إلا لهؤلاء الطبقات.