وعزل الخمس، وأراد قسمة الباقى، قال له جرير: إن أمير المؤمنين جعل لنا الربع، وقال بعضهم: الثلث بعد الخمس من كل شىء، فبعث سعد بالخمس إلى عمر، وكتب إليه بقول جرير، فقال عمر: صدق جرير، قد جعلت له ولقومه ما قال من السواد، فخيروهم، فإن شاؤا أعطوا وكان قتالهم للجعالة، وإن شاؤا فلهم سهم المسلمين وقتالهم، فخيرهم سعد فاختاروا سهام المسلمين. فالله أعلم أى ذلك كان.
وذكر المدائنى، أيضا، أنه كان فيمن قدم على عمر مع الخمس الأسدى الذى طعن الفيل فضربه سائسه على وجهه فهشم وجهه، فقال له عمر: من أنت؟ وما هذه؟ يعنى الضربة التى فى وجهه، قال: أصابنى قدر من قدر الله، فأخبر القوم عمر خبره، فعانقه عمر وقال: أبشر فهى نور لك يوم القيامة، فهل لك من حاجة؟ قال: تكتب إلى سعد يعطينى محتلما وفرسى، فكتب إلى سعد: أعطه محتلمين، ففعل ذلك سعد.
قال الشعبى: وأمر عمر، رضى الله عنه، فى الأعشار بخمسمائة فرس نفلا من خيل فارس لتقسم فى أهل البلاء، فأصاب كل عشر خمسون فرسا، فأصاب النخع عشرون، وقيل: خمسة وعشرون، وأصاب سائرها، سائر مذحج.
قالوا: وكتب عمر، رحمه الله، إلى سعد: أنبئنى أى فارس كان يوم القادسية أفرس، وأى راجل كان أرجل، وأى راكب كان أثبت. فكتب إليه: إنى لم أر فارسا مثل القعقاع بن عمرو حمل فى يوم ثلاثين حملة، فقتل فى كل حملة كميا، ولم أر راجلا مثل يعفور بن حسان الذهلى إنه جاء فى اليوم بخمسة فوارس، يختل الفارس منهم حتى يردفه، ثم يغلبه على عنانه حتى يأتى به سلما، ولم أر راكبا مثل الحارث بن قرم البهزى، إنه جاء ببعيره يرفعه، ثم ركب الكراديس ففرق بينها، فإذا نفر بالفارس انحط عنه فعانقه، ثم قتله، ثم يثب على بعيره من قيام.
وكتب عمر إلى سعد، أيضا: أنبئنى من وجدت أصبر ليلة الهرير؟ فكتب إليه: إن الحس سكن عنى، حتى إذا كان فى وجه الصبح سمعت انتماء فى مضر وانتماء فى ربيعة ثم انتسابا فى اليمن، فوجدت المنتمين من تميم وأسد وقيس والمنتمين من بكر وحلفاؤها والمنتسبين فى أهل اليمن من مذحج وكندة.
وفى كتاب المدائنى أن عمر كتب إلى سعد يسأله: أى الناس كان أصبر بالقادسية؟
فكتب إليه سعد: إن الحرب ركدت ليلة، فلم أسمع إلا هماهم الرجال، وهريرهم، ووقع الحديد، فلما كان قبيل الفجر سمعت الانتماء من كل: أنا ابن معدى كرب، أنا