نرمى مدينته ونحطم جمعه
... ونصك رأس عموده حتى انشطا
ولقيصر أخرى رمينا رمية
... قطعت قرينته كما انقطع السدا
والخيل تخفق بين دجلة عنوة
... بالسفح من أقر إلى وادى القرى
لا قيصر أبدا ولا كسرى بها
... قضى الحديث وكان شيئا فانقضى
حديث «1» وقعة جلولاء «2»
ذكر سيف «3» عن قيس بن أبى حازم قال: أقمنا بالمدائن حين هبطنا واقتسمنا ما فيها، فأتانا الخبر بأن مهران قد عسكر بجلولاء، وخندق عليه، وأن أهل الموصل قد عسكروا بتكريت، فكتب سعد بذلك إلى عمر، فأجابه: أن سرح هاشم بن عتبة إلى جلولاء فى اثنى عشر ألفا، واجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو.
وروى من سماه سيف من رجاله: أن عمر كتب، أيضا، إلى سعد: لئن هزم الله الجندين: جند مهران وجند الأنطاق، فقدم القعقاع حتى يكون على حد سوادكم، بين السواد والجبل.
قالوا: وكان من حديث جلولاء أن الأعاجم لما انتهوا إليها بعد الهرب من المدائن، وتفرقت الطرق بأهل أذربيجان والباب وبأهل الجبال وفارس تذامروا وقالوا: إن افترقتم لم تجتمعوا أبدا، وهذا مكان يفرق بيننا، فهلموا فلنجتمع به للعرب ولنقاتلهم، فإن كان لنا فهو الذى نريد، وإن كانت الأخرى كنا قد قضينا ما علينا، وأبلينا عذرا. فاحتفروا الخندق، واجتمعوا فيه على مهران، ونفذ يزدجرد إلى حلوان فنزل بها، ورماهم بالرجال، وخلف فيهم الأموال، فأقاموا فى خندقهم، وقد أحاطوا به الحسك من الخشب إلا طرقهم. ففصل هاشم بالناس من المدائن فى اثنى عشر ألفا، فيهم وجوه المهاجرين والأنصار وأعلام العرب، فسار إلى جلولاء أربعا، حتى قدم عليهم، فحاصرهم وأحاط بهم، فطاولهم أهل فارس، وجعلوا لا يخرجون عليهم إلا إذا أرادوا، وزاحفهم المسلمون ثمانين زحفا، كل ذلك يعطيهم الله الظفر على المشركين، وغلبوهم على حسك الخشب، فاتخذوا حسك الحديد.