فارس كلهم، فضربوا إليهم من كل وجه وكورة، فالتقوا هم وأبو سبرة، وقد توافت إلى المسلمين أمدادهم وإلى المشركين أمدادهم، وعلى المشركين شهرك، وهو الذى كان أخذ عليهم الطريق غب وقعة القوم بطاووس، فاقتتلوا، ففتح الله على المسلمين، وقتل المشركون وأصاب المسلمون منهم ما شاؤا، وهى الغزاة التى شرفت بها نابتة البصرة، فكانوا أفضل المصرين نابتة، ثم انكفأوا بما أصابوا، وقد عهد إليهم عتبة وكاتبهم بالحث وقلة العرجة، فانضموا إليه بالبصرة، فرجع أهلها إلى منازلهم منها، وتفرق الذين تنقذوا من أهل هجر إلى قبائلهم، والذين تنقذوا من عبد القيس فى موضع سوق البحرين.
ولما أحرز عتبة الأهواز وأوطأ فارس، استأذن عمر فى الحج، فأذن له، فلما قضى حجه استعفاه، فأبى أن يعفيه، وعزم عليه ليرجعن إلى عمله، فدعا الله ثم انصرف، فمات فى بطن نخلة، فدفن بها، ومر به عمر زائرا لقبره، فقال: أنا قتلتك، لولا أنه أجل معلوم وكتاب مرقوم، وأثنى عليه بالفضل. ومات عتبة وقد استخلف على الناس أبا سبرة بن أبى رهم وعماله على حالهم، ومسالحه على نهرتير ومناذر وسوق الأهواز وسرق. وأمّر عمر أبا سبرة على البصرة بقية السنة التى مات فيها عتبة، ثم عزله، واستخلف عبد الرحمن بن سهل، ثم استعمل المغيرة بن شعبة، فعمل عليها بقية تلك السنة التى ولاه فيها والسنة التى تليها، لم ينتقض عليه أحد فى عمله، وكان مرزوق السلامة.
ذكر فتح رامهرمز والسوس وتستر وأسر الهرمزان «1»
ذكر سيف «2» عن أصحابه قالوا: لم يزل يزدجرد يثير أهل فارس أسفا على ما خرج عنهم، فكتب إليهم وهو بمرو، يذكرهم الأحقاد ويؤنبهم، أن قد رضيتم يا أهل فارس أن غلبتكم العرب على السواد وما والاه، وعلى الأهواز، ثم لم يرضوا بذلك حتى يوردوكم فى بلادكم وعقر داركم، فخرجوا وتكاتبوا هم وأهل الأهواز، وتعاهدوا وتواثقوا على النصرة، وجاءت الأخبار حرقوص بن زهير وجزآ وسلمى وحرملة عن خبر غالب وكليب، فكتبوا إلى عمر وإلى المسلمين بالبصرة، فكتب عمر إلى سعد: أن ابعث إلى الأهواز بعثا كثيفا مع النعمان بن مقرن وعجل، وابعث سويد بن مقرن، وعبد