تكونون أوفياء حتى توفوا، ما دمتم فى شك أجيزوهم، وفوا لهم، ففعلوا وانصرفوا عنهم.
وقال عاصم بن عمرو فى ذلك:
لعمرى لقد كانت قرابة مكنف
... قرابة صدق ليس فيها تقاطع
أجارهم من بعد ذل وقلة
... وخوف شديد والبلاء بلاقع
فجاز جواز العبد بعد اختلافنا
... ورد أمورا كان فيها تنازع
إلى الركن والوالى المصيب حكومة
... فقال بحق ليس فيه تخادع
فلله جندى ساهبور لقد نجت
... غداة منتها بالبلاء اللوامع
حديث وقعة نهاوند «1»
والاختلاف فيها بين أهل الأخبار كثير، ولكن الذى ذكره أبو الحسن المدائنى من حديثها أحسن ما وقفت عليه من الأحاديث منساقا، وأطوله اقتصاصا، فلذلك آثرت الابتداء به، وربما أدرجات فى تضاعيفه من حديث غيره ما يحسن إدراجه فيه، ثم أذكر بعد انقضائه ما اختار ذكره من الأخبار التى أوردها سواه عن هذه الوقعة إن شاء الله.
ذكر المدائنى «2» عن رجال من أهل العلم، يزيد بعضهم على بعض: أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، شاور الهرمزان، فقال له: أما إذا فتنى بنفسك فأشر علىّ، أبفارس أبدأ أم بالجبال: أذربيجان وأصبهان؟ قال: فارس الرأس والجبال جناحان، فاقطع الجناحين فلا يتحرك الرأس، قال عمر: بل أقطع الرأس فلا يقوم جسد ولا جناح. فكتب عمر إلى عثمان بن أبى العاص وهو بتوج: أن سر إلى اصطخر، وقدم عليه أبو موسى، فأمره أن يرجع إلى البصرة، ويسير إلى ابن كسرى مع عثمان بن أبى العاص، وقال: كل واحد منكم أمير على جنده، فقدم أبو موسى البصرة، فسار إلى يزدجرد باصطخر، وسار إليه عثمان من توج.
فلما ألحوا على يزدجرد كتب إلى أهل الرى وأهل الجبال: أصبهان وهمدان وقومس،