قال ابن إسحاق: فكان النبى صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة وجده عبد المطلب فى كلاءة الله وحفظه، ينبته الله نباتا حسنا لما يريد من كرامته. فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه بالأبواء بين مكة والمدينة «1» .
وكان قد قدمت به إلى أخواله من بنى عدى بن النجار تزيره إياهم، فماتت وهى راجعة به إلى مكة. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب.
وكان يوضع لعبد المطلب فراش فى ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابنى فو الله إن له لشأنا.
ثم يجلسه معه عليه ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع «2» .
قالوا: وكانت أم أيمن تحدث تقول: كنت أحضن رسول الله صلى الله عليه وسلم فغفلت عنه يوما فلم أدر إلا بعبد المطلب قائما على رأسى يقول: يا بركة، قلت: لبيك، قال: أتدرين أين وجدت ابنى؟ قلت: لا أدرى. قال: وجدته مع غلمان قريبا من السدرة، لا تغفلى عن ابنى، فإن أهل الكتاب يزعمون أن ابنى نبى هذه الأمة، وأنا لا آمن عليه منهم.
وكان لا يأكل طعاما إلا قال: على بابنى. فيؤتى به إليه.
وحدث كعب بن مالك عن شيوخ من قومه أنهم خرجوا عمارا، وعبد المطلب يومئذ حى بمكة، ومعهم رجل من يهود تيماء، صحبهم للتجارة يريد مكة أو اليمن، فنظر إلى عبد المطلب، فقال: إنا نجد فى كتابنا الذى لم يبدل أنه يخرج من ضئضى هذا نبى يقتلنا وقومه قتل عاد.
وجلس عبد المطلب يوما فى الحجر وعنده أسقف نجران: وكان صديقا له، وهو يحادثه وهو يقول: إنا نجد صفة نبى بقى من ولد إسماعيل، هذه مولده، من صفته كذا وكذا.
وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الحديث، فنظر إليه الأسقف وإلى عينيه وإلى ظهره وإلى قدميه، فقال: هو هذا. فقال الأسقف: ما هذا منك؟ قال: ابنى. قال الأسقف: لا،