النظام من الخرز يجمعه ويمسكه، فإن انحل تفرق ما فيه وذهب، ثم لم تجتمع بحذافيره أبدا، والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثير عزيز بالإسلام، فأقم واكتب إلى أهل الكوفة، فهم أعلام العرب ورؤساؤهم، ومن لم يحفل بمن هو أجمع من هؤلاء وأحد وأجد فليأتهم الثلثان وليقم الثلث، واكتب إلى أهل البصرة أن يمدوهم ببعض من عندهم.
فسر عمر، رحمه الله، بحسن رأيهم، وأعجبه ذلك منهم. وقام سعد فقال: خفض عليك يا أمير المؤمنين، فإنهم إنما جمعوا لنقمة نازلة بهم.
وبالوقوف على ما أثبتناه من الأخبار عن هذه الوقعة يعرف ما اتفقت عليه وما اختلفت فيه، وقد حذفنا منها ما قدرنا الاستغناء عن إيراده مما لعل فى بعضه زيادة فى الخلاف.
وذكر المدائنى أن وقعة نهاوند كانت فى سنة إحدى وعشرين، وذكر الطبرى «1» أنها كانت فى أول سنة تسع عشرة لست سنين من إمارة عمر، رضى الله عنه.
وذكر أيضا عن سيف «2» عن شيوخه ما كتب به النعمان بن مقرن من الأمان لأهل ماه بهراذان، وحذيفة لأهل ماه دينار، وكلا الكتابين موافق للآخر لفظا ومعنى، وكتاب النعمان:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى نعمان بن مقرن أهل ماه بهراذان، أعطاهم الأمان على أنفسهم وأموالهم وأراضيهم، لا يغيرون على ملتهم، ولا يحال بينهم وبين شرائعهم، ولهم المنعة ما أدوا الجزية فى كل سنة إلى من وليهم، على كل حالم فى ماله ونفسه على قدر طاقته، وما أرشدوا ابن السبيل، وأصلحوا الطرق، وقروا جنود المسلمين ممن مر بهم فأوى إليهم يوما وليلة، ووفوا ونصحوا، فإن غشوا وبدلوا، فذمتنا منهم بريئة. شهد عبد الله بن ذى السهمين، والقعقاع بن عمرو، وجرير بن عبد الله، وكتب فى المحرم سنة تسع عشرة.
قالوا: وألحق عمر، رضى الله عنه، من شهد نهاوند من الروادف فأبلى بلاء حسنا فاضلا فى ألفين، ألحقهم بأهل القادسية.
وقال القعقاع بن عمرو فى ذلك: