دهاك؟ قال: إنى أخشى أن يكون بى لمم. فقلن: ما كان الله عز وجل ليبتليك بالشيطان وفيك من خصال الخير ما فيك، فما الذى رأيت؟.
قال: إنى كلما دنوت من صنم منها تمثل لى رجل أبيض طويل يصيح بى: وراءك يا محمد لا تمسه. قالت: فما عاد إلى عيد لهم حتى نبئ صلوات الله عليه وعلى آله.
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة بنت خويلد، فيما ذكره غير واحد من أهل العلم «1» .
وذكر الواقدى بإسناد له إلى نفيسة بنت منية أخت يعلى بن منية، وقد رويناه أيضا من طريق أبى على بن السكن، وحديث أحدهما داخل فى حديث الآخر مع تقارب اللفظ، وربما زاد أحدهما الشىء اليسير، وكلاهما ينمى إلى نفيسة.
قالت: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسا وعشرين سنة وليس له بمكة اسم إلا الأمين، لما تكاملت فيه من خصال الخير، قال أبو طالب: يا ابن أخى أنا رجل لا مال لى، وقد اشتد الزمان علينا وألحت علينا سنون منكرة، وليست لنا مادة ولا تجارة، وهذه عير قومك قد حضر خروجها إلى الشام، وخديجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك فى عيراتها فيتجرون لها فى مالها ويصيبون منافع.
فلو جئتها فعرضت نفسك عليها لأسرعت إليك وفضلتك على غيرك، لما يبلغها عنك من طهارتك، وإن كنت لأكره أن تأتى الشام وأخاف عليك من يهود، ولكن لا تجد من ذلك بدا.
وكانت خديجة امرأة تاجرة ذات شرف ومال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام، فتكون عيرها كعامة عير قريش، وكانت تستأجر الرجال وتدفع إليهم المال مضاربة.
وكانت قريش قوما تجارا، ومن لم يكن تاجرا من قريش فليس عندهم بشىء.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلعلها ترسل إلى فى ذلك. فقال أبو طالب: إنى أخاف أن تولى غيرك، فتطلب أمرا مدبرا. فافترقا، وبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له، وقبل ذلك ما قد بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته وكريم أخلاقه، فقالت: ما علمت أنه يريد هذا.